يعتقد البعض أن القنابل النووية أو الفيروسات والأوبئة هي الأكثر فتكاً والتي أودت بحياة أكبر عدد ممكن من البشر، ولكن المفاجأة أن حشرة صغيرة تستطيع بسهولة سحقها تحت قدميك، هي السلاح الأكثر فتكاً في العالم.
ومنذ أن بدأ البشر بالاستيطان في الكرة الأرضية، عاش قرابة 108 مليارات شخص على وجه الأرض، ويقدر العلماء أن البعوض وحده ساهم بقتل 52 ملياراً منهم.
وهذه الحشرة الصغيرة كان لها تأثير لا تستطيع أن تتوقعه على الحضارة البشرية وفقاً للمؤرخ تيموثي سي وينجارد الذي ألف كتاباً بعنوان: "البعوض: تاريخ بشري لأخطر مفترس لدينا، هذه الحشرة المميتة".
فمنذ عصر الديناصورات، كان البعوض ناقلاً للملاريا، والحمى الصفراء، وعدد كبير من الأمراض الأخرى التي أزهقت أرواح مليارات من البشر.
وعلى مر التاريخ كان سكان إفريقيا هم من يتحملون الجزء الأكبر من الخسائر البشرية بسبب هذه الحشرة المميتة.
متمرس في التكيف التطوري
وقال ينجارد إن البعوض كائن متمرس في التكيف التطوري، فقد استطاعت هذه الحشرة التكيف مع الظروف المحيطة بها منذ فجر التاريخ وضمنت استمرارية تكاثرها وازدهارها على عكس كثير من الحشرات الأخرى، وفضلاً عن ذلك، فإن البعوض ناقل لأمراض كثيرة، ويتفوق في تلك الناحية على جميع الحشرات الأخرى التي تعيش في كوكبنا.
وأضاف وينجارد أنه عندما تعمّق أكثر في دراسة الأمراض التي يقوم البعوض بنقلها، وجد أنها أكثر فتكاً بكثير من جميع الأسلحة التي قام الإنسان بصنعها.
ويعدّ وينجارد أن قطع الأشجار والتغييرات التي يجريها البشر على البيئة وصفة خطيرة لانتشار البعوض.
سلاح عسكرية
من المثير للاهتمام أن البعوض قد استخدم تاريخياً في العمليات العسكرية، ولعل المثال الأكثر شهرة هو ما حدث خلال الحرب العالمية الثانية.
فقد أغرق النازيون مستنقعات بونتين حول روما ونابولي بشكل متعمد لتشكيل بيئة مناسبة لتكاثر البعوض الناقل للملاريا، مستخدمين إياه سلاحاً بيولوجياً لنقل الأمراض خلال الحرب.
ومن المؤكد أن الملاريا مسؤولة عن وفاة أعداد كبيرة من البشر، بالإضافة إلى الحمى الصفراء، لكن نستطيع القول إن عدد الوفيات انخفض كثيراً في الوقت الحديث بسبب تحسن الظروف البيئية التي يعيش فيها البشر، فضلاً عن وجود لقاحات للأمراض القاتلة التي ينقلها البعوض.