أثارت تصريحات أطلقها وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، خلال زيارته الأخيرة إلى إثيوبيا، جدلاً واسعاً، بعد إعلان دعمه لـ«كل خطوات» أديس أبابا في التنمية، الأمر الذي فسره البعض على أنه «خروج عن الإطار العربي» المساند للقاهرة في نزاعها مع أديس أبابا بشأن «سد النهضة» على نهر النيل.
وعلى الرغم من محاولات الوزير اليمني احتواء الأزمة سريعاً، متهماً «حملة إعلامية» منظمة بـ«استهدافه الشخصي للإساءة للعلاقات التاريخية مع مصر من خلال فبركات لا أساس لها من الصحة»، فإن الصدى الواسع لتصريحات الوزير اليمني، دفعت البعض لربطها بتشديد القاهرة إجراءات دخول اليمنيين مصر.
وكان الوزير اليمني قد أكد خلال زيارته إلى إثيوبيا، قبل نحو 10 أيام، «تضامن بلاده ودعمها كل الخطوات التي تقوم بها أديس أبابا بغية تحريك عجلة التنمية».
وعلى الرغم من عدم الاكتراث بالتصريحات في حينها، فإن إجراءات جديدة فرضتها وزارة الداخلية المصرية على اليمنيين القادمين إلى الأراضي المصرية، من بينها تقليص مدة تجديد الإقامة، فُسرت على أنها تعبير عن «غضب القاهرة».وألغت السلطات المصرية، إعفاء المواطنين اليمنيين الواصلين إلى البلاد من موانئ الوصول - رفقة الوالدين فوق سن الخمسين عاماً المعفيين أيضاً - من الحصول على تأشيرات دخول مسبقة، وأقرت ضرورة حصول الرعايا اليمنيين من 16 إلى 50 عاماً، القادمين إلى البلاد، على تأشيرة دخول مسبقة.وتضمنت الاشتراطات، أن يحصل القادمون لغرض العلاج على تقرير طبي من مستشفى حكومي باليمن، واشترطت على القادمين من غير اليمن الحصول على تأشيرة مسبقة من السفارات والقنصليات المصرية، أو موافقة أمنية.
وبينما قوبلت تصريحات الوزير اليمني بانتقادات واسعة في اليمن، نشر الإعلامي والبرلماني المصري مصطفى بكري، تغريدات عدة على صفحته بـ«تويتر»، اعتبر فيها الإجراءات المصرية رداً على تصريحات الوزير اليمني في إثيوبيا.
وكتب بكري: «الشعب اليمني شعب شقيق، محب لمصر... ويجب ألا يؤاخذ الشعب اليمني بسبب موقف وزير الخارجية اليمني الحالي»، وطالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«فتح أبواب مصر لكل الأشقاء دون تفرقة، ومنحهم عديداً من التسهيلات»، مؤكداً أن «مصر أكبر من أي تصرف يقوم به مسؤول... اليمنيون أنفسهم أدانوه».
وأضاف: «شعب الحضارة يكن لمصر كل التقدير والمحبة، لكل ذلك أتمنى سريعاً عودة الأمور إلى أوضاعها الطبيعية»، لافتاً النظر إلى «إعادة 60 من المرضى والأطفال إلى عدن بعد وصولهم إلى القاهرة، السبت»، لمخالفة تلك الإجراءات.
وتابع: «المسؤول الأول في اليمن رشاد العليمي محب لمصر، وتصريحاته ومواقفه تعبر عن ذلك... الكل أدان موقف وزير الخارجية ودعمه لإثيوبيا... الحكومات تمضي والشعب باقٍ، لذلك نأمل في تدخل الرئيس السيسي لإنهاء هذه الأزمة التي يدفع ثمنها الشعب اليمني وليس وزير الخارجية».
لكن السفير محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، ووزير الخارجية المصري الأسبق، قلل من أهمية تصريحات الوزير اليمني، وانعكاسها على العلاقات المصرية - اليمينة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «إن صح دعمه (بن مبارك) لإثيوبيا، فإن الأمر لا يشغل مصر بهذه الدرجة، فمصر تدرك أن اليمن في أزمة كبيرة، وقد تكون تصريحاته فيها قدر من المجاملة».
ورفض الدبلوماسي المصري، الربط بين إجراءات دخول اليمنيين القاهرة، وتلك التصريحات، مشيراً إلى أن «لمصر سياسة ثابتة تدعم استقرار وأمن الشعب اليمني بصرف النظر عن أي موقف».
وأوضح أن الإطار العام للجامعة العربية وقراراتها تدعم مصر والسودان في نزاعهما مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة».
وأثارت التصريحات حالة غضب واسعة بين اليمنيين، خصوصاً الجالية اليمنية في مصر، الذين طالبوا بإقالة الوزير بن مبارك.
بدورها، قالت السفارة اليمنية في القاهرة إن ما يحدث مع اليمنيين ليس استثناء، ويشمل جنسيات أخرى. لكن الصحافي اليمني فارس الحميري، نشر تفاصيل مغايرة، عبر حسابه في «تويتر»، وقال إن الإجراءات المصرية الجديدة بشأن تغيير مدة الإقامة لليمنيين؛ نتيجة «استياء القاهرة من قيادة البعثة الدبلوماسية اليمنية في مصر».
ونقل عن مصادر قولها إن «الجانب المصري أبلغ المجلس الرئاسي اليمني انزعاجه من قيادة البعثة الدبلوماسية الحالية، وطلب من المجلس تغييرها».
وعن زيارة وزير الخارجية اليمني لإثيوبيا، نقل الصحافي اليمني عن المصادر قولها: «ليست لنا علاقة بما يخص علاقات اليمن بالدول الأخرى، هذا شأن سيادي يمني... فقط نحن نتأذى من التصرفات والإشكاليات التي تحدث في أراضينا، التي تتعارض مع القانون».وكان الوزير اليمني قد سعى لاحتواء الأزمة، فقال عبر حسابه على «تويتر»: «تابعت خلال اليومين الماضيين حملة إعلامية منظمة استهدفتنا شخصياً إثر قيامنا بخطوات إصلاحية لمعالجة وضع الملحقيات الفنية في سفاراتنا، وهو أمر اعتدناه».
وأضاف: «لكن ما لا يمكن قبوله أبداً أن يستخدَم الاستهداف الشخصي للإساءة لعلاقتنا المتينة والتاريخية مع مصر، من خلال فبركات لا أساس لها من الصحة». وتابع: «مصر أولاً أكبر من ذلك، ونحن لا يمكن إلا أن نكون معها دوماً، وأن نبادلها الوفاء بالوفاء في كل المواقف والمنابر»