هل ستنجح زيارة الوفد العماني لـ صنعاء في تحريك جمود المفاوضات اليمنية ؟ .. تقرير

الأخبار I أخبار محلية

بعد سيل من التهديدات التي أطلقها الحوثيون بتصعيد عسكري جديد ضد السعودية، بدأ وفد عماني زيارة إلى العاصمة اليمنية صنعاء، للقاء قيادات الحوثي، ضمن جهود دبلوماسية متجددة لتحريك المحادثات بشأن الأزمة اليمنية وإرساء السلام في البلاد.

 

وغالباً ما تبقى المحادثات سرية من دون تسريبات عن فحواها، فيما تتفاوت التقديرات لما يمكن أن تنتهي إليه، والتي جاءت متزامنة مع تحركات دولية بقيادة المبعوثين الأممي والأمريكي إلى اليمن.

 

وما زالت عُمان تستفيد من حيادها في الأزمة اليمنية، واعتبارها الوسيط المقبول من جميع أطراف الصراع، بما يمكنها من تحقيق اختراق نوعي يطوي صفحة الحرب في اليمن التي خلّفت كارثة إنسانية كبيرة، فهل يتحقق هذا الأمر أخيراً؟

 

وفد في صنعاء

بشكلٍ متسارع وخلال أيامٍ قليلة عادت التحركات الدولية المكثفة إزاء الأزمة اليمنية، بعد جمودٍ عاشته خلال ثلاثة أشهرٍ مضت، لتكون زيارة وفدٍ عُماني إلى صنعاء أحد أبرز التطورات الجديدة في هذا الملف.

 

ووصل وفد عُماني، (17 أغسطس 2023)، إلى العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، للقاء قيادات في الجماعة، في إطار وساطة تقودها مسقط لإنهاء الحرب في البلاد.

 

وقال محمد عبد السلام، المتحدث باسم جماعة الحوثي ورئيس وفدها التفاوضي، إن الوفد العماني وصل إلى صنعاء، وذلك "للتشاور مع القيادة وتقييم المرحلة واستئناف العملية التفاوضية وفي مقدمتها معالجة الملفات الإنسانية".

 

 

بدورها قالت وسائل إعلام "حوثية" إن الوفد العماني يحمل آخر مستجدات الوساطة التي تجريها عمان بهدف وقف الحرب في اليمن، وإمكانية تمديد الهدنة الإنسانية وصرف المرتبات.

 

وأضافت أنه من المقرر أن يلتقي الوفد العماني بعدد من قيادات المليشيا المتمردة لمناقشة سبل التسوية السياسية.

 

تحركات أممية أمريكية

لعل التحرك العُماني جاء غداة إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، التي حذر خلالها من استمرار القتال على عدد من الجبهات اليمنية، ومن تبعات التهديدات العلنية بالعودة للحرب، داعياً جميع الأطراف إلى الامتناع عن الخطاب التصعيدي.

 

وشدد في كلمة له أمام جلسة لمجلس الأمن حول اليمن (16 أغسطس) على ضرورة "التوصل إلى اتفاق سياسي، وترجمة حديث جميع الأطراف عن ذلك إلى التزامات فعلية للمضي قدماً بما يضمن استئناف عملية سياسية يمنية شاملة".

 

وكان المبعوث الأممي قد زار العاصمة العمانية مسقط (15 أغسطس 2023)، والتقى وكيل وزارة الخارجية العمانية للشؤون الدبلوماسية، خليفة الحارثي، ومسؤولين عمانيين آخرين، بالإضافة إلى لقاء منفصل مع رئيس الوفد التفاوضي للحوثيين محمد عبد السلام.

 

 

وقال في بيان نشره مكتبه إنه "بحث الخطوات التالية من أجل الاتفاق على تدابير لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، وتنفيذ وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، والتوصل إلى تسوية سياسية جامعة من خلال عملية سياسية يقودها اليمنيون وتيسرها الأمم المتحدة".

 

وقبل تلك الزيارة كان غروندبرغ زار السعودية والإمارات (14 أغسطس) لبحث إطلاق عملية سياسية شاملة بوساطة الأمم المتحدة، مع ضمان استمرار الجهود لتخفيف الأزمة الاقتصادية ومعاناة اليمنيين".

 

امتيازات للحوثي

يؤكد المحلل السياسي اليمني، محمد السامعي، أن "المعلومات المتوافرة تشير إلى أن وفداً عُمانياً فقط هو من وصل إلى صنعاء، على عكس الزيارة السابقة التي شارك فيها وفد سعودي برئاسة سفير المملكة لدى اليمن".

 

 

ونقل موقع"الخليج أونلاين"عن السامعي قولة بـ أن هذا الأمر "يؤكد وجود فتور واضح في ملف المشاورات بين السعودية وجماعة الحوثي، وربما أنها وصلت إلى طريق مسدود بسبب المطالب الحوثية المرتفعة، والتي رفضت التخلي عنها".

 

ويضيف: "الجميع يراهن على عُمان في أداء دور محوري ينهي الجمود والفتور الذي رافق الملف اليمني مؤخراً، ولذلك كانت البداية من خلال تحريك المياه الراكدة عبر المبعوث الأممي والأمريكي اللذين زارا دولاً خليجية بينها عُمان".

 

ويشير إلى أن الجميع يراهن على أن زيارة المبعوثين إلى الخليج، ووصول الوفد العُماني إلى صنعاء، وزيارة عبد اللهيان إلى الرياض "ستنعش المشاورات من جديد، وتبدأ التحركات لتقريب وجهات النظر بين السعودية وجماعة الحوثي للعودة إلى طاولة الحوار".

 

 

لكن السامعي في المقابل يعتقد أن هذا الحراك الكبير "لن ينتج عنه أي جديد سوى منح الحوثيين مزيداً من الامتيازات، دون تحقيق أي نجاح يصب في سبيل حلحلة الأزمة اليمنية تخرج البلاد من وضعها المتأزم منذ 8 سنوات".

 

تهديدات مكثفة

وخلال نحو شهرين أطلق الحوثيون تهديدات مكثفة بتصعيد القتال واستهداف السعودية، مع تحشيداتهم العسكرية في المدن والسواحل التي يسيطرون عليها، والعودة إلى حالة الحرب في البلاد التي تشهد هدنة.

 

وأحدث تلك التهديدات ما جاء على لسان زعيم الجماعة المتمردة في اليمن عبد الملك الحوثي (12 أغسطس 2023)، بتهديده باستهداف "مدينة نيوم"، أهم المشاريع السعودية العملاقة التي وجهت كل إمكاناتها للمضي قدماً نحو تدشينها ضمن "رؤية 2030".

 

 

كما أطلقوا جملة من التهديدات التي أكدت عزمهم على تطوير ترسانتهم العسكرية البحرية، وكشفوا عن إجراء تجارب على صواريخ وزوارق، في رسالة موجهة للخصوم المحليين والإقليميين بأن قواعدهم في البحر الأحمر والمحيط الهندي تحت مرمى نيران الحوثيين الصاروخية والطيران المسيّر.

 

ولعل التهديدات الحوثية جاءت بعد توقف المفاوضات مع السعودية منذ نحو ثلاثة أشهر، كما بدت الجهود المبذولة إقليمياً ودولياً لإحلال السلام في اليمن خلال تلك الفترة شبه متوقفة، حيث كان من المتوقع أن يحقق التقارب الإيراني السعودي نجاحاً حاسماً بإنهاء الحرب نهائياً.

 

وكان الوفدان، العُماني والسعودي، قد زارا صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثي، وهي الزيارة الأولى بالنسبة للسعوديين منذ بدء الحرب، والتقيا بقيادات جماعة الحوثي، في 9 أبريل الماضي، تتويجاً لجهود الوساطة العمانية والجهود الدولية المكثفة التي بذلتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي لإحلال السلام في اليمن، غير أنهما لم يلتقيا لاحقاً كما كان مخططاً