بن مبارك: الاعتداءات على المقدسات بفلسطين تندرج ضمن سياسة تهويد القدس

الأخبار I أخبار وتقارير

 

قال وزير الخارجية وشئون المغتربين الدكتور احمد عوض بن مبارك " ان الاعتداءات الممنهجة على المقدسات وممتلكات الفلسطينيين تندرج ضمن سياسة إسرائيلية لتهويد مدينة القدس، وتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم للمدينة ومقدساتها".

جاء ذلك في كلمة اليمن التي القاها بن مبارك في الدورة غير الاعتيادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري والمكرسة لبحث العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس المحتلة.

وأضاف بن مبارك " ما يجري في الأراضي المحتلة يأتي ضمن سلسلة ممارسات واعتداءات عديدة شملت المصادرة الممنهجة للأراضي الفلسطينية، وبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، وخاصة في أراضي مدينة القدس، وفي مختلف مناطق الضفة الغربية وبناء جدار الفصل العنصري. ورفض إعطاء تراخيص بناء بيوت المواطنين في القدس الشرقية المحتلة، وتكثيف حملة هدم ومصادرة البيوت وتشريد أصحابها وساكنيها".

وفيما يلي نص الكلمة:

في البدء أتوجه بالشكر والتقدير لدولة فلسطين الشقيقة على هذه المبادرة في الدعوة لعقد دورة غير عادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري لبحث العدوان الاسرائيلي على مدينة القدس المحتلة وأهلها الصامدين، بما في ذلك المسجد الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح، وبحث التحرك العربي والدولي لمواجهة الجرائم والاعتداءات الاسرائيلية الوحشية على حياة ومقدسات وممتلكات الشعب الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة.

اننا نجتمع اليوم مجددا تحت مظلة جامعة الدول العربية للوقوف معا موقفا عربيا موحدا أمام التطورات الخطيرة الراهنة في فلسطين المحتلة، وفي مدينة القدس المحتلة، عاصمة الدولة الفلسطينية، تحديدا. حيث يسطر الشبان المقدسيون والشعب الفلسطيني في مختلف انحاء فلسطين أروع البطولات وهم يتصدون ببسالة لابشع حملة استيطانية تقوم بتنفيذها عصابات المستوطنين المدعومين بقوات الاحتلال الاسرائيلي، في اطار ممارسات عنجهية وجرائم واعتداءات ممنهجة للاعتداء على حياة ومقدسات وممتلكات الشعب الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة، بما في ذلك ما يجري حاليا من عدوان اسرائيلي غاشم يستهدف تهجير أبناء الشعب الفلسطيني من بيوتهم وممتلكاتهم في حي الشيخ جراح، وباقي أحياء المدينة، واعتداءات وحشية على المصلين في المسجد الأقصى المبارك.

إن تلك الممارسات تندرج ضمن سياسة إسرائيلية ممنهجة لتهويد مدينة القدس، وتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم للمدينة ومقدساتها، وهي تأتي ضمن سلسلة ممارسات واعتداءات عديدة شملت المصادرة الممنهجة للأراضي الفلسطينية، وبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، وخاصة في أراضي مدينة القدس، وفي مختلف مناطق الضفة الغربية وبناء جدار الفصل العنصري. ورفض إعطاء تراخيص بناء بيوت المواطنين في القدس الشرقية المحتلة، وتكثيف حملة هدم ومصادرة البيوت وتشريد أصحابها وساكنيها، ضمن سياسة تطهير عرقي تعتمد أساليب متعددة بهدف إبعادهم عن أرض آبائهم وأجدادهم. كما تستمر سلطات الاحتلال بالقيام بحفريات تهدد الأماكن المقدسة، وتمنع حواجزها العسكرية الفلسطينيين من الوصول إلى مساجدهم وكنائسهم، وتواصل محاصرة المدينة المقدسة بحزام استيطاني وبجدار الفصل لفصلها عن بقية المدن الفلسطينية. كما تواصل سلطات الاحتلال تدخلها في مناطق السلطة الفلسطينية عبر عمليات المداهمة والاعتقالات والقتل على الحواجز.

وتصاعد الدور الإجرامي لميليشيات المستوطنين المسلحين الذين يحظون بالحماية الاستثنائية من قبل جيش الاحتلال في تنفيذ اعتداءات متكررة ضد المواطنين الفلسطينيين العزل، باستهداف منازلهم ومدارسهم وجامعاتهم ومساجدهم وحقولهم ومزروعاتهم وأشجارهم.

ان كل ذلك يجري في اطار مسعى اسرائيلي مفضوح لفرض أمر واقع على الأرض يُغيرُ حقائقها وشواهدها، ويقوض الإمكانية الواقعية لقيام دولة فلسطين.

كما تواصل سلطات الاحتلال فرض حصارها الهمجي على قطاع غزة، واستهداف أهلنا في القطاع بالاغتيالات والغارات الجوية والقصف المدفعي، وتدمير المنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد، مما أدى الى آلاف الشهداء والجرحى، فضلا عن الاعتداءات الإسرائيلية على مباني ومدارس ومنشآت الأمم المتحدة في القطاع. إن هذه مجرد شواهد على سياسة الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني، وهي السياسة المسؤولة عن تخريب جميع الفرص لتحقيق السلام، والوصول الى حل الدولتين، الذي تبلور حوله إجماع دولي.

ومع مرور الأيام فان العالم اصبح على يقين من ان تحقيق السلام العادل الشامل من جهة، والاستيطان والاحتلال والفصل العنصري والجرائم التي ترقى لمستوى جرائم ضد الإنسانية من فصل عنصري واضطهاد ومنطق القوة الغاشمة للاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى، هما في الواقع مساران متناقضان لا يمكن لهما ان يلتقيا البتة.

الحضور الكريم:

يحظى اجتماعنا اليوم بأهمية خاصة نظرا للتطورات الحرجة التي تشهدها القضية الفلسطينية في الوقت الراهن، سواء تلك التي تمثلت بمستوى الحالة المحبطة للغاية التي وصلت إليها مسيرة مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، كنتيجة حتمية لعدم التزام الحكومة الإســـرائـــيلية بتعهداتها وبالقرارات والتشريعات الدولية ذات الصلة، أو تلك المتمثلة بتنامي الإضطرابات والتدهور الخطير للأوضاع الأمنية والإنسانية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة جراء تنادي سلطات الاحتلال في سياساتها العدوانية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، ولا سيما في مدينة القدس المحتلة.

ونؤكد في هذا السياق على أن الوقت قد حان للمجتمع الدولي، وخاصة اللجنة الرباعية الدولية ومجلس الأمن، للتصرف وفقا لأحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما في ذلك اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات فاعلة تكفل توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني. وكأولوية ملحة يتوجب قيام مجلس الامن الدولي بالزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالوقف الفوري والتام، تحت رقابة دولية، لجميع أنشطتها الاستيطانية، وخصوصا وقف اعمال العدوان والتهجير في مدينة القدس، بما في ذلك في حي الشيخ جراح، وباقي احياء المدينة المقدسة، بوصفها إجراءات غير قانونية وباطلة ولاغية.

وفي هذا السياق، نطالب كافة الدول المؤثرة على الصعيد الدولي بإدانة الممارسات الاسرائيلية التي تتحدى القانون الدولي وشرائع حقوق الانسان، والعمل على وقفها، اذ ان تلك الممارسات والاعتداءات تقوض ما تبقى من فرص للسلام في الشرق الأوسط وتهدد بشكل مباشر ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة.

الحضور الكريم: ان الجمهورية اليمنية تؤكد مجددا على الوصاية التاريخية للاردن على الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية في القدس، ودوره في حماية هذه المقدسات والوضع القانوني والتاريخي القائم فيها، وفِي الحفاظ على الهوية العربية الاسلامية والمسيحية لهذه المقدسات، والتأكيد على ان ادارة اوقاف القدس والمسجد الاقصى المبارك الاردنية هي الجهة الوحيدة المخولة ادارة جميع شؤون المسجد الاقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف.

الحضور الكريم: ان الجمهورية اليمنية، رغم الظروف العصيبة التي تمر بها جراء انقلاب المليشيات الحوثية والحرب التي اشعلتها، لن تدخر جهدا للعمل المشترك مع الاشقاء العرب، والقوى الخيرة الداعمة للسلام والحق الفلسطيني والعدل حول العالم، من أجل نصرة عدالة القضية الفلسطينية، وكشف حقائق ممارسات الاحتلال الإسرائيلي. وتعرب الحكومة اليمنية مجددا عن المضي في النهج الذي سار عليه الشعب اليمني لنصرة مسيرة كفاح الشعب الفلسطيني الشقيق، إلى أن يتم تحقيق كامل تطلعاته المشروعة في الحرية والاستقلال، ونيل حقوقه غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة، على أساس حدود ما قبل عام 1967، وبما يتوافق مع مبادرة السلام العربية. ان الجمهورية اليمنية تؤكد من جديد على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للامة العربية جمعاء.

الحضور الكريم: اننا ندعو هذا الاجتماع إلى تدارس اتخاذ إجراءات وتحركات سريعة لمواجهة ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من تعديات على حقوق الشعب الفلسطيني، وندعو الى تحرك عربي عاجل وفاعل للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، ونصرة كفاحه البطولي العادل. وفي هذا السياق، فاننا ندعم تشكيل لجنة وزارية عربية لمتابعة التحرك العربي ضد السياسات والاجراءات الاسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة، والتواصل مع الدول اعضاء مجلس الامن، والدول كافة، والمنظمات الإقليمية المختلفة، لحثها على اتخاذ خطوات عملية لوقف السياسات والممارسات الاسرائيلية غير القانونية.

أن استفزازات الاحتلال الإسرائيلي تلقى اليوم موجة غضب واستنكار واسعي النطاق على الصعيد الدولي، ما يتطلب تحركا عربيا ودوليا سريعا لحشد الجهود العربية والدولية لوضع حد لهذه السياسات والممارسات الاسرائيلية، وبما يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني.

كما نؤكد دعمنا لطلب دولة فلسطين الشقيقة الى المحكمة الجنائية الدولية المضي قدما بالتحقيق الجنائي في جرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية التي ترتكبها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الاعزل، بما في ذلك تهجير الفلسطينيين من بيوتهم في حي الشيخ جراح وباقي المناطق والاحياء الفلسطينية المحتلة