تصريحات غاضبة واستداعاء سفراء وتهديدات علنية تبادلتها الأطراف المعنية بالهجوم الدامي بطائرة مسيرة على ناقلة نفط إسرائيلية. وتحمّل بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل، إيران مسؤولية الهجوم التي تنفي بشدة أن يكون لها أي صلة به وتتوعد برد قاس على أي إجراء يضر بمصالحها. وسوف نحاول فيما يلي التعرف على ما يحدث في هذا الشأن. يوم الخميس 29 يوليو/ تموز كانت ناقلة النفط متوسطة الحجم "إم في ميرسر ستريت"، تبحر من دون حمولة قبالة سواحل عمان في طريقها من دار السلام في تنزانيا إلى ميناء الفجيرة الإماراتي الواقع في خليج عمان للتزود بالوقود. وترفع الناقلة العلم الليبيري وهي مملوكة لليابانيين ولكن تديرها شركة "زودياك ماريتيم" المملوكة لإسرائيل. وفي وقت متأخر من اليوم، أصيبت الناقلة بمسيرة جوية من دون طيار محملة بالمتفجرات، انفجرت بالقرب من برج الناقلة، ما ألحق أضرارا بأماكن المعيشة المجاورة. وقُتل شخصان وهما روماني وحارس أمن بريطاني، وبعد توجيه الناقلة نداء استغاثة، اصطحبت الناقلة إلى الميناء سفينتان حربيتان تابعتان للبحرية الأمريكية. ووقعت هجمات عدة سابقة هذا العام على سفن شحن لها علاقة بإسرائيل، وألقي باللوم في كل هذه الهجمات على إيران التي نفتها جميعها. ويُعتقد أيضا أن إسرائيل كانت وراء انفجار غامض في هيكل سفينة الإمداد العسكرية الإيرانية "سافيز" في أبريل/ نيسان في البحر الأحمر. هذا كله جزء مما يسمى بـ "حرب الظل" بين إيران وإسرائيل. إنها لعبة خطيرة تنطوي على اغتيالات يشتبه بأن إسرائيل نفذتها ضد علماء نوويين إيرانيين ومحاولات ناجحة لتخريب البرنامج النووي الإيراني. وحتى الآن، لم يُقتل أحد في الهجمات على سفن الشحن. خطأ استخباراتي؟ إذا كانت إيران، كما تدعي بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل، وراء الهجوم، فمن المؤكد أنه كان خطأ فادحاً من قبل المخابرات الإيرانية. نزاع إيران هو في المقام الأول مع إسرائيل، لذا فإن جر بريطانيا، العضو دائم في مجلس الأمن الدولي، عبر قتل مواطن لها أدى إلى كثافة في العمل الدبلوماسي للتعامل مع الهجوم. وقال بوريس جونسون إن على إيران "مواجهة عواقب أفعالها" واصفا ما جرى بأنه "هجوم غير مقبول ومشين على الشحن التجاري". واستدعي سفير إيران لدى المملكة المتحدة، محسن باهارفاند، إلى وزارة الخارجية لإبلاغه بأن بلاده يجب أن توقف على الفور الإجراءات التي تهدد الملاحة الدولية. وأصدرت إيران نفيا غاضبا، وطالبت برؤية دليل على تورطها المزعوم في الهجوم. واستدعت وزارة خارجيتها القائم بالأعمال البريطاني في طهران، واصفة الاتهامات التي وجهتها بريطانيا وإسرائيل والولايات المتحدة بأنها "دعاية لا أساس لها من الصحة". وتعهدت الدول الثلاث بالرد، ورغم أن هذه الدول تتمسك علنا بموقف موحد، فإن لديها أجندات مختلفة. تتوق بريطانيا والولايات المتحدة إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران، وهو ما يسمى بخطة العمل الشاملة المشتركة التي فرضت قيودا صارمة على البرنامج النووي المدني الإيراني مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الصارمة. ولم يعد هذا الاتفاق ساريا بعدما سحب الرئيس دونالد ترامب أمريكا من جانب واحد منه في عام 2018. كانت المحادثات جارية في فيينا لكن إسرائيل ليست من المعجبين بالاتفاق، إذ تعتقد أنه مجرد ورقة توت لأبحاث نووية إيرانية مشتبه بها. لهذا السبب عندما تقول إسرائيل "إنها سترسل رسالة إلى إيران وأن الأخيرة ستفهمها" قد تكون أكثر إيلاما واستفزازا مما تريده الولايات المتحدة وبريطانيا. وكان جهاز الموساد الإسرائيلي فعالا بشكل غير عادي في اختراق المؤسسة الأمنية الإيرانية، لذا فمن المحتمل أن يؤخذ هذا التهديد على محمل الجد في طهران. أخيرا، هناك معضلة تواجه تلك الحكومات الغربية بشأن أي من المعلومات الاستخبارية حول الهجوم، إن وجدت، ستكشف عنها. إيران تقول: إذا كانهناك دليل على تواطؤنا فلنرى ذلك. ولكن مهما كانت المعلومات الاستخبارية التي جمعت، فمن شبه المؤكد أنها ستشمل مصادر سرية وربما اعتراض الإتصالات الحساسة التي يفضل الجواسيس البريطانيون والأمريكيون عدم إطلاع إيران عليها. ومع ذلك، إذا فشلوا في الكشف عن ما يسمى بـ"المسدس الذي يصعد منه الدخان" الذي يشير إلى إيران، فسوف يقول الكثيرون، كما يقومون بالفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، إن هذا كله مجرد ذريعة مختلقة لمعاقبة إيران على شيء لم تفعله