تحركات يمنية وضغوط أوروبية لوقف التصعيد الحوثي

الأخبار I أخبار وتقارير

 

 

سعياً وراء موقف أوروبي ضاغط على الحوثيين، بدأ وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، الدكتور أحمد بن مبارك، جولة جديدة من التحركات، في الوقت الذي واصلت فيه الميليشيات، أمس (الخميس)، هجماتها العنيفة على مأرب، بينما تعهد زعيمها عبد الملك الحوثي مواصلة القتال للسيطرة على جميع المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة اليمنية.

 

وأدت المعارك التي اشتدت، لليوم الخامس، في أحدث تصعيد حوثي، إلى تشريد العشرات من الأسر المدنية لا سيما في الجبهة الجنوبية حيث مديرية رحبة التي تحاول الميليشيات استعادتها من قبضة الجيش ورجال القبائل.

 

وإلى أوسلو، حيث ذكرت المصادر الرسمية اليمنية أن بن مبارك بحث مع وزيرة خارجية النرويج إيني أريكسون «مسار عملية السلام، في ظل استمرار رفض ميليشيات الحوثي لجميع جهود السلام، والوضع الإنساني»، مؤكداً استمرار الحكومة «في التعاطي الإيجابي مع جميع الجهود والمبادرات الرامية لتحقيق السلام واستعادة الأمن والاستقرار ودعمها الكامل للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة».

 

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) أن اللقاء «تطرق إلى استمرار العدوان الحوثي على محافظة مأرب التي تضم ملايين النازحين، وأهمية توجيه رسائل من المجتمع الدولي بضرورة وقف الهجمات العسكرية على المحافظة، واستهداف المدنيين ومخيمات النازحين ومضاعفة المعاناة الإنسانية».

 

وتناول اللقاء اليمني النرويجي «مسألة الأمن البحري والبيئي في البحر الأحمر، وتزايد الهجمات الحوثية على السفن العابرة، واستمرار التهديد البيئي والإنساني الذي يمثله الخزان النفطي صافر»، وأكد وزير الخارجية اليمني على «أهمية تكثيف الجهود لحل قضية الخزان، وإلزام ميليشيا الحوثي بالسماح للفريق الفني التابع للأمم المتحدة بالوصول إليه لتقييم حالته، وإجراء أعمال الصيانة اللازمة، وإنهاء تلاعب الميليشيا بهذا الملف الحساس».

 

وكانت الخارجية اليمنية أعلنت وصول بن مبارك إلى العاصمة النرويجية، أوسلو، في مستهل جولته الأوروبية الثانية لهذا العام، التي تشمل، بالإضافة إلى مملكة النرويج، كلاً من مملكة هولندا ومملكة لسويد والاتحاد السويسري.

 

وفي تصريحات رسمية، قال الوزير اليمني إن هذه الجولة «تأتي في إطار الجهود التي تبذلها وزارة الخارجية وشؤون المغتربين لإطلاع الشركاء الدوليين على تطورات الأوضاع في اليمن ومناقشة التداعيات المترتبة على استمرار الميليشيات الانقلابية الحوثية في رفض جميع جهود ومبادرات السلام، وتوضيح رؤية الحكومة لوقف الحرب وتحقيق السلام واستعادة الأمن والاستقرار، والبحث في سبل تخفيف التداعيات الإنسانية الناتجة عن الحرب التي تشنها الميليشيات الحوثية».

 

في غضون ذلك، تعهّد زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي في خطبة له، أمس، بذكرى مقتل «زيد بن علي» الذي يُنسب إليه المذهب الزيدي، بمواصلة القتال للسيطرة على جميع المناطق اليمنية.

 

وقال الحوثي في الخطبة التي بثتها قناة «المسيرة» (لسان حال الميليشيات) إن جماعته حسمت خياراتها، واتخذت موقفها لمواصلة القتال حتى السيطرة على جميع المناطق اليمنية، وصولاً إلى تحقيق ما وصفه بـ«النتيجة الحتمية... وهي النصر بحسب وعد الله». وفق زعمه.

 

- هجمات على المدنيين

 

ميدانياً، أفادت المصادر العسكرية بأن الميليشيات الحوثية كثفت، أمس، من قصفها المدفعي والصاروخي على مناطق مديرية رحبة جنوب محافظة مأرب، بالتزامن مع هجمات أخرى مستمرة لليوم الخامس في الجبهات الغربية من المحافظة الغنية بالنفط والغاز.

 

وتحدثت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن مقتل مدنيين جراء القصف الحوثي وتدمير العشرات من المنازل، في قرى مديرية رحبة، في حين أصدرت الحكومة عبر وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان بياناً نددت فيه باستهداف المدنيين، الذين أجبر العشرات منهم على مغادرة مناطقهم هرباً من القذائف.

 

وقالت الوزارة اليمنية، في البيان الذي وزعته على وسائل الإعلام، إنها «تدين بأشد العبارات العمليات العسكرية الحوثية البربرية المتكررة على المدنيين في مديرية رحبة، جنوب محافظة مأرب، مستخدمة كافة أنواع الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطيران المسيّر، وإجبار المواطنين الآمنين على مغادرة منازلهم إلى المجهول لمواجهة صعوبات البقاء على قيد الحياة، في ظل انعدام مقومات الحياة الأساسية».

 

واتهم البيان الحوثيين بأنهم لجأوا في سياق الانتقام من السكان الموجودين في المناطق الخاضعة لهم، على تخييرهم بين مقاتلة إخوانهم والتنكيل بهم وتفجير منازلهم.

 

وناشدت وزارة حقوق الإنسان اليمنية «الأمم المتحدة والمفوضية السامية ومجلس حقوق الإنسان وجميع المنظمات الدولية المعنية بحماية وتعزيز حقوق الإنسان في العالم لاتخاذ المزيد من التدابير لإجبار الحوثيين على وقف العدوان على مديرية الرحبة ومأرب».

 

كما دعا البيان المنظمات العاملة في المجال الإنساني إلى سرعة تقديم المساعدات الطارئة للمنكوبين والمهجرين والفارين من جحيم الحرب، حيث بلغ عدد الأسر النازحة في اليومين الماضيين فقط قرابة 150 أسرة.

 

من جهتها، أكدت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين (حكومية) وجود «نزوح جماعي لعدد من الأسر في مديرية رحبة، بسبب القصف العشوائي المكثف لميليشيات الحوثي على القرى». وقالت إنها أحصت هروب 147 أسرة إلى مناطق في مديريات الجوبة وحريب ومدينة مأرب، في حين لا تزال 80 أسرة في العراء.

 

- خسائر حوثية

 

وفي ظل هذه المعارك، أفادت المصادر العسكرية الرسمية بأن هجمات الحوثيين كبدتهم العشرات من القتلى والجرحى، في الأيام الأخيرة، بسبب المعارك مع الجيش ورجال القبائل، وجراء ضربات تحالف دعم الشرعية، سواء في جنوب مأرب، حيث مديرية رحبة أو في غربها، حيث جبهات الكسارة والمشجح.

 

ويوم الأربعاء، كان «المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية» أفاد بأن المعارك التي خاضها الجيش والمقاومة ورجال القبائل أسفرت عن سقوط العشرات من عناصر الميليشيا بين قتيل وجريح، إلى جانب خسائر أخرى في العتاد.

 

وأضاف، نقلاً عن مصدر عسكري، أن «طيران تحالف دعم الشرعية استهدف تعزيزات وآليات الميليشيا، وكبّدها خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

 

وأوضح أن قوات الجيش والمقاومة نفذوا «كميناً محكماً» استهدف مجموعة من عناصر ميليشيا الحوثي في جبهة المشجح، ما أسفر عن مقتل 18 عنصراً، في حين شنَّت مدفعية الجيش قصفاً مركّزاً استهدف تحركات الميليشيا في الجبهة، وألحق بها خسائر في العتاد والأرواح.

 

إلى ذلك، نقل الإعلام العسكري اليمني عن قائد المنطقة العسكرية الثالثة في الجيش اليمني اللواء الركن منصور ثوابه، تأكيده أن الميليشيات تكبدت أكثر من 10 آلاف قتيل، منذ يناير (كانون الثاني) الماضي في مختلف الجبهات.

 

وأوضح ثوابه في تصريحات لصحيفة الجيش أن القوات الحكومية والمقاومة الشعبية تمكنت من كسر أكثر من 300 هجوم حوثي على جبهات الكسارة والمشجح وجبل مراد وصرواح، منذ مطلع العام الحالي. واتهم القائد العسكري اليمني عناصر إيرانيين وآخرين من «حزب الله» اللبناني بإدارة معارك الميليشيات الحوثية، ووضع الخطط العسكرية والإشراف عليها، مؤكداً سقوط قتلى وجرحى منهم في أثناء المعارك.