ما هي أهم الفصول التي ستشملها التعديلات المتعلقة بالدستور التونسي؟

الأخبار I عرب وعالم

 

 

 

 

 

 أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد خلال جولة له في تونس العاصمة عن إمكان إدخال تعديلات على دستور البلاد تستجيب لتطلعات الشعب، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة هذه التعديلات، والمسائل التي يمكن أن تشملها.

 

وقال الرّئيس التّونسي إنه “يمكن إدخال تعديلات” على الدّستور، وذلك بعد سبعة أسابيع على إعلان تدابير استثنائية على رأسها تعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي.

 

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها قيس سعيّد مساء السبت ونقلها التّلفزيون الرسمي خلال جولة في الشّارع الرّئيسي للعاصمة (شارع الحبيب بورقيبة).

 

وصرّح الرئيس سعيّد “أحترم دستور 2014 وإجراءاته، ويمكن إدخال تعديلاتٍ على نصّه حتى يستجيب لتطلعات الشّعب، دون الانقلاب عليه عكس ما يُروج له”، مضيفا “يمكن إنجاز ذلك في إطار الحفاظ على سيادة الشّعب وكفالة ممارسة حقوقه والتّعبير عن إرادته والعيش بكرامة في وطن حرٍّ”.

 

واعتبر أن “الشعب سئم الدستور والقواعد القانونية التي وضعوها على المقاس، ولا بد من إدخال تعديلات في إطار الدستور”، لافتا إلى أن “الدساتير ليست أبدية ويمكن إحداث تعديلات تستجيب للشعب التونسي، لأن السيادة للشعب ومن حقه التعبير عن إرادته”.

 

وفي تونس هناك نظام يتقاسم فيه الرئيس ورئيس الحكومة الصلاحيات و”الحكومة مسؤولة أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان)”، وفق المادة 95 من دستور 2014 الجاري به العمل الآن.

 

ويرى خبراء القانون الدستوري أن الخطوة كانت منتظرة من قبل الرئيس سعيّد تفعيلا للإجراءات المتخذة نهاية يوليو الماضي، مؤكدين وجود ثغرات في دستور 2014 عطّلت سير الحياة السياسية وساهمت في استشراء الفساد بمؤسسات الدولة خدمة لمصالح المنظومة السابقة.

 

وأفاد رابح الخرايفي، الباحث في القانون الدستوري والقانون النيابي، أن “ما صرّح به الرئيس سعيّد هو إحدى الفرضيات التي كانت مطروحة، تعليق الدستور برمته أو تعديل بعض الأبواب بالأساس”.

 

وأضاف، في تصريح لـ”العرب”، “تعديل السلطة التنفيذية هو توحيد رأسها، وإنهاء الازدواج الوظيفي (تصبح بيد الرئيس وليس الرئيس والحكومة)”، وقال “يمكن أن يشمل التعديل أيضا بعض الألفاظ ووضع آليات حل مجلس نواب الشعب (البرلمان)، كما يمكن أن تكون فصول الحصانة النيابية فصولا مرنة”.

 

وتابع الخرايفي “أعتقد أن ما سيحافظ عليه قيس سعيد هو باب الحريات والحقوق، واستقلال القضاء والمحكمة الدستورية، وربما سيقع تقليص عدد الهيئات الدستورية أو إلغاؤها”، ملاحظا “دستور 2014 تضمن عدّة ثغرات، وحركة النهضة ظهرت بقوة في إقرارها في جزء كبير للنظام البرلماني، وكُنت نائبا في الكتلة الديمقراطية، وطالبنا بنظام رئاسي قوي، ولكن البرلمان يصاغ بصفة التوافق”.

 

وأردف “يمكن النظر أيضا في الفصلين 68 و69 المتعلقين بالحصانة، وباب الهيئات المستقلة، وباب السلطة القضائية”، مشيرا إلى أن “تعليق الدستور فيه العديد من الحساسيات، لذلك طرح الرئيس سعيّد فكرة تعديله جذريا”.

 

وسبق أن صرّح المستشار بالقصر الرئاسي وليد الحجام بأن هناك توجها لتعليق الدستور الحالي ووضع تنظيم مؤقت للسلطات وتغيير النظام السياسي، والذهاب إلى استفتاء قبل الإعلان عن انتخابات مبكرة.

 

وأضاف الحجام “النّظام سيكون رئاسيًا وليس رئاسوِيّا عانت منه تونس سابقا (في إشارة إلى حكم نظام الرّئيس الأسبق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة يناير 2011)”.

 

وتقول شخصيات سياسية إنه فضلا عن إجراء تعديلات على الدستور يبدو الرئيس سعيّد منشغلا بتشكيل الحكومة وتعيين شخصية لها، معتبرة أن دستور 2014 صيغ على مقاس أحزاب السلطة في المنظومة السابقة.

 

وأفاد المحلل السياسي نبيل الرابحي في تصريح لـ”العرب” بأن “قيس سعيّد منشغل الآن بتشكيل الحكومة وتعيين طرف لها، وهي حكومة انتقالية ستكون مسؤولة أمام الرئيس”.

 

وأضاف “دستور 2014 مغلق، وتمت صياغته على المقاس وهو دستور توافقات، والخلل يكمن في الصلاحيات بالأساس؛ أي أن صلاحيات رئيس الدولة أقل من صلاحيات رئيس الحكومة”.

 

وأشار الرابحي إلى “التشتت الحزبي في الكتل النيابية، حيث يمكن أن تتحكم أحزاب بعدد نواب صغير في منح الثقة للحكومات أو إسقاطها، وهذا يتطلب تغيير النظام

الانتخابي”.

 

ويقول معارضو قيس سعيّد إنه دفع البلاد إلى أتون أزمة دستورية وأثار مخاوف على مستقبل النظام الديمقراطي، فيما يؤكد هو أن تدخله يتوافق مع الدستور وضروري لوجود وضع طارئ ناجم عن شلل سياسي وارتفاع معدلات الإصابة بفايروس كورونا والاحتجاجات.

 

وأعلنت حركة النّهضة السبت رفضها القاطع لما اعتبرته “محاولات للدفع نحو خيارات تنتهك قواعد الدستور”. جاء ذلك وفق بيان للحركة عقب تصريحات وليد الحجام، مستشار الرئيس قيس سعيد، حول اعتزام الأخير تعليق العمل بالدستور.

 

وأفاد البيان بـ”الرفض القاطع لمحاولات بعض الأطراف المعادية للمسار الديمقراطي، وخاصة من بعض المقربين من رئيس الدولة (لم يسمّهم)، الدفع نحو خيارات تنتهك قواعد الدستور”.

 

وأوضح أن “دستور 2014 مثل أساس التعاقد السياسي والاجتماعي وحظي بتوافق جل العائلات السياسية ورضى شعبي واسع، كما مثل أساسًا للشرعية الانتخابية لكل المؤسسات التنفيذية والتشريعية بتونس”.

 

وكان قيس سعيّد، أستاذ القانون الذي انتخب رئيسا نهاية 2019، قد أعلن تفعيل فصل دستوري يخول له اتخاذ تدابير في حال وجود “خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقرارها”، وأقال رئيس الحكومة وعلّق عمل البرلمان ثلاثين يوما في مرحلة أولى.

 

وأعلن في الثالث والعشرين من أغسطس الماضي تمديد تعليق عمل البرلمان “حتى إشعار آخر”. ولم يعين رئيس الجمهورية منذ الخامس والعشرين من يوليو رئيسا جديدا للحكومة، كما لم يكشف خارطة طريق تطالب بها أحزاب ومنظمات عدة من المجتمع المدني.