صرخة نسائية ترفع شعارات ضد تجار العملات ومافيا الحروب باليمن(تقرير )

الأخبار I أخبار وتقارير

 

 

 

 

ناشطات يمنيات لـ"العربية.نت": نعيش مجاعة مخيفة تتسع رقعتها بين المحافظات ونواجه مصيراً أسود بين جحيم المعارك ومخيمات النزوح.

تزامناً مع اليوم الدولي للعنف، الذي يُحتفل به العالم في 2 أكتوبر من كل عام، وتأكيداً على إحياء قيم التفاهم لمواجهة ثقافة التناحر داخل حدود البلد المنكوب الذي أنهكته الصراعات على مدى 7 سنوات حرب طال أمدها، نظمت نساء يمنيات وقفة احتجاجية بشوارع محافظة عدن، أطلقن من خلالها صرخة في وجه الفقر والقهر والجوع، ورفعن شعارات ناعمة تقاوم تردي الأوضاع الاقتصادية التي دمرت مدن البلاد ككل من شمالها إلى جنوبها، حملن لافتات ضد تجار العملات وصفتهم بـ"المافيا"، فكتبت إحداهن: "الكهرباء والماء والراتب حقوق وليست مطالب"، وأخرى تعلن رفضها "لارتفاع صرف العملات وسقوط الريال". وأخرى كتبت: راتب المعلم يساوي "جونية" رز.

 

وقفة نسائية ضد عقول الظلام

التظاهرة الصامتة أقيمت في مديرية خور مكسر بعدن، ضمّت قوافل من نساء على اختلاف الأعمار وتنوع الأدوار، فقد حضرت ربة المنزل والفتاة الجامعية والعاملة، وكذلك الأطفال.

 

وحظيت الوقفة باهتمام إعلامي كبير، وكتبت المشاركات عبر لافتات مرفوعة مطالب مختلفة، بينها إنقاذ العملة الوطنية من الانهيار وصرف رواتب قطاع العسكريين المتأخرة وتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، وتحسين مقومات العيش وإنقاذ ترنح الاقتصاد.

 

وانتشرت هاشتاغات تداولها رواد التواصل الاجتماعي، وصفت التظاهرة بأنها قمة الشجاعة تقودها أصوات نسائية مخنوقة، لاستشراف مستقبل أبنائها بروح متوثبة، فقد تبدو هذه الوقفة للبعض غير فاعلة أو مؤثرة، لكنها في كل الأحوال رسالة حضارية وجوهرية خطت النساء من خلالها موقفاً رافضاً ضد عقول الظلام، وطالبن باتخاذ قرارات للنظر فيها بعين الوعي من أجل تحقيق حياة كريمة للناس.

 

حرب ناعمة ضد أشكال التجويع الممنهج

إلى ذلك، فقد سبقت هذه الوقفة النسوية العديد من المبادرات بحثت إيجاد حلول منطقية لتحسين الأوضاع المادية للكثيرين من ضحايا الجبهات والنازحين الذين طحنهم ثالوث المجاعة والفجيعة والمرض، شارك فيها لفيف من متطوعات شابات ملأن الساحات والميادين، وهنّ يرددن شعارات الأمل والحياة ضد ثقافة الدم والعنف والحروب.

 

الناشطات أكدن لـ"العربية.نت" أن المرأة اليمنية قوة جبارة لا يستهان بها على الأرض، فلا يزال بيدها زمام التغيير والتأثير وتأجيج الرأي وإشعال حرب ناعمة منددة ورافضة لكافة أشكال التجويع الممنهج والتهجير الذي يهدف إلى تفتيت النسيج الاجتماعي.

 

يواجهن المأساة بالتعبير والحضور

الناشطات أشعلن الساحات باحتجاجات عبرت عن مطالبهن بمنتهى الرقي، فلم يفوتهن التلميح أيضاً بأن هذه الوقفة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد قطعن عهداً أن يواجهن المأساة بالتعبير والحضور، كما أعربن عن رفضهن القاطع سياسة تسكين الوجع الجمعي وأساليب التسويف وترقيع الجروح بالوعود البالية، التي لم تعد بحسبهن تشفي غليلاً أو تبل ريقاً أو تسد رمقاً يردم فداحة العيش المدقع تحت وطأة العوز والحرمان وقسوة الاحتياج.

 

أرقام لمجاعة مخيفة

في السياق ذاته، أشار البنك الدولي إلى وجود مؤشرات على ظهور بؤر تشبه المجاعة في ثلاث محافظات يمنية هي حجة وعمران والجوف، للمرة الأولى منذ عامين.

 

وقال البنك إن أكثر من 80% من السكان يواجهون تحديات كبيرة في الحصول على الغذاء ومياه الشرب وخدمات الرعاية الصحية. بينما يعيش 58% في فقر مدقع مقارنة بـ19% قبل اندلاع الحرب.

 

وأرجأ رواد التواصل الاجتماعي عبر هاشتاغات غصت بها منصات السوشيال ميديا، إلى أن أسباب المجاعة تعود الى قلة الوعي وارتفاع نسبة الجهل في تلك المناطق، وعدم الكثافة السكانية إلى جانب صعوبة وصول عدسات الإعلام لتغطية ملفات الأحداث التي تجري هناك.

 

وقالت إحداهن معلقة: "لم تكف المجاعة من الانتشار والتوسع في كل المحافظات، طالما لا يزال سلوك التعصب مهيمناً لدى جميع الأحزاب والكيانات السياسية "الهشة" التي لم يأت من ورائها غير الدمار والدماء والضياع والتشرد، كما ولن تخمد نيران الحرب، إلا إذا أدركنا أن الوطن واحد، وأن مصلحة كل مواطن فيه هي الأهم".

 

وأضافت: "لن يحل السلام على أرض السعيدة، إلا إذا ماتت العنصرية، وانقطعت إمدادات الأموال التي تغذي الصراعات، وانتهت التدخلات الخارجية، وحكمنا أنفسنا بعقل وحكمة ووعي".

 

وأضافت أخرى متحدثة لـ"العربية.نت": "أثبتت النساء اليمنيات شجاعة مطلقة في كثير من المواقف المظلمة ووقفت ضد تجار الصراعات الذين يمولون حرباً دامية في كل المحافظات اليمنية، دمرت أحلام شعب منكوب ومغلوب على أمره، فسلبت قوتهم وعبثت بأرواحهم ومصائرهم".

 

حرب اقتصادية داخل حرب دامية

وتختم أخرى بالقول: "نعيش اليوم حرباً اقتصادية داخل حرب دامية نتج عنها غلاء أسعار الغذاء والوقود وانقطاع الكهرباء والرواتب وانعدام الأمن. بات هذا الشعب المسكين يعيش مجاعة حقيقية تزداد حدتها وتتسع رقعتها بين المحافظات اليمنية، يتجرع ألوان الموت البطيئ وصنوف الحرمان، ويواجه كل يوم مصيراً أسود بسبب سياط الفقر والجوع أو نتيجة النيران القادمة من جحيم المعارك، فتحاصره القذائف وتطوقه خطوط النار من جهة، لتتلقفه مخيمات النزوح التي تعج بالمرضى من جهة أخرى. لتقوده بالنهاية إلى بؤر الهلاك المحتوم".