يستعد محمد عبدالقادر وهو رجل في العقد الخامس من عمره لمغادرة محافظة عدن التي أقام فيها منذ مولده قبل 55 عام .
قال "عبدالقادر" انه قرر ترك المدينة والانتقال بأسرته المكونة من ابنين إلى مدينة أخرى حيث سيستفيد من تأجير منزله لتغطية نفقات السكن في أماكن أخرى .
عمل عبدالقادر لسنوات طويلة ضمن عمله كباحث في المجال الزراعي إلى ان خرج مؤخرا إلى التقاعد.
يقول عبدالقادر ان تحديات الحياة في عدن باتت اصعب مما يمكن له تحمله .
قرر الرجل ان يشد الرحال إلى مدينة أخرى وهو القرار الذي اتخذه كثيرون في هذه المدينة التي تشهد ما يشبه مخطط لتهجير سكانها الأصليين.
التقته "عدن الغد" بمقهى صغير بحي المعلا حيث يقطن الرجل منذ عقود ، رفع يده وأشار ناحية واجهة منازل في الشارع الرئيسي تبدت عليها اثار الحرب ..
الكثير من الناس غادرت عدن عدد كبير من أصدقاء أبنائي ذهبوا إلى أوروبا أو مصر أو دول أخرى كثيرة الحياة هنا باتت صعبة ..
يقول "عبدالقادر" متحدثا عن الوضع الذي تعيشه المدينة التي كانت مسرحا لحالات اقتتال كثيرة .
كانت المرة الأولى التي شهدت فيها عدن هجرة جماعية في العام 1967 حينما سيطر متشددون شيوعيون على الحكم في المدينة التي كانت واحة ازدهار عالمية ليحولوها إلى مدينة خالية من أي شيء .
يتذكر "عبدالقادر" الأحداث السابقة قائلا:" ما يحدث اليوم مشابه إلى حد كبير لما حدث في العام 1967 حينما اضطرر الألاف من أبناء هذه المدينة إلى مغادرتها.
بعد 7 سنوات من الحرب يشعر الألاف من الناس في عدن انهم باتوا غير قادرين على مواجهة الأعباء المتزايدة .
يعتمد الغالبية العظمى من الناس هنا على رواتب الحكومة التي باتت في حدها الأدنى ، تسبب الانهيار الضخم في أسعار الصرف في تراجع قيمة هذه المرتبات .
وليست المرتبات وحدها المشكلة فتردي الخدمات وانقطاع المياه وتدهور الوضع الامني عوامل اخرى تعزز فكرة الهروب.
ماعندناش بيوت في الريف ولا أراضي زراعية يعني الخيارات صعبة ..
هكذا يوجز "عبدالقادر" المشكلة بمختصر فالألاف من أهالي المدينة ليس لهم في الغالب مرجع إلى مدن يمنية أخرى يمكن لهم اللجوء اليها والعيش كمزارعين أو منتجين .
تشكلت المدينة قبل قرون من اليوم من خليط من المهاجرين من خارج البلد والمهاجرين من داخل البلد الذين انقطعت صلتهم بالعالم المحيط الأمر الذي يعني ان الرواتب الحكومية باتت المصدر الوحيد للرزق.
ومع انهيار الدولة مؤخرا وجد هؤلاء انفسهم منزوعي الحماية من كل شيء فلا نظام ولا قانون ولا مرتبات.
وبدأ ان هؤلاء الحلقة الأضعف في ظل حالة الصراع السياسية المستندة إلى عوامل مناطقية عدة .
تسببت الهجرة العدنية الاضطرارية الأولى في العام 1967 بانهيار واختلال المعادلة السكانية في المدينة لصالح قوى مجتمعية أخرى الأمر الذي يطل براسه مجددا والذي يعني ان ثمة تغييرا سلبيا قد ينهي الحضور العدني الثقافي والمدني إلى الأبد .
ويعول قطاع واسع من العدانية على انتهاء الحرب وانتظام صرف المرتبات وعودة الدولة ومؤسساتها للحد من الهجرة الأخيرة التي قد تفضي إلى مدينة بلا سكانها الأصليين .