في حكم وصف بـ"التاريخي"، قضت محكمة مصرية، السبت، نهائيا بحظر "أخونة" الجامعات المصرية، وإلغاء تقارير "بدل الأساتذة" لاشتراطها الولاء لتنظيم الإخوان الإرهابي.
حكم اعتبره رؤساء جامعات وبرلمانيون في أحاديث منفصلة لموقع "سكاي نيوز عربية"، "معبرا عن الواقع ومتوافقا مع نصوص الدستور والقوانين"، مؤكدين ضرورة امتداد الحكم بحظر "أخونة الجامعات" إلى حظر "أخونة المدارس"، للحفاظ على الشباب والأجيال الجديدة من الأيديولوجيات المتطرفة.
وطالب هؤلاء النواب في الوقت ذاته، بـ"ضرورة ترجمة حكم المحكمة إلى تحركات وإجراءات عملية، تسهم في تطهير العملية التعليمية من عناصر الإخوان نهائيا؛ مما يساعد في تجفيف منابع الإرهاب والتطرف".
وقالت وسائل إعلام محلية، إن المحكمة الإدارية العليا قضت، السبت، بإجماع الآراء بـ"إلغاء قرار بفرض التقارير الذاتية لصرف بدل الجامعة الذي رفعه الرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية، واشترطت الجماعة لصرفه إثبات هوية أعضاء هيئة التدريس، لصالح الجماعة المحظورة".
وأكدت المحكمة، أن مرسي رفع قيمة بدل الجامعة، واشترط لصرفه أخونة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات.
كما أكدت أن الإخوان "استحدثوا أداة غير قانونية تحمل إهانة لكبرياء أستاذ الجامعة، وإهانة لمكانة الأستاذية عند الشعب"، مشددة على أنهم (الإخوان) "اغتصبوا سلطة المشرع وقيدوا حرية العلم والفكر والإبداع، ولا يجوز إجبار الأساتذة على الانضمام لفصيل سياسي معين".
"شواهد على أخونة الجامعات"
وأكد رئيس جامعة طنطا، الدكتور محمود زكي، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "على غرار محاولات تنظيم الإخوان لأخونة مؤسسات الدولة المختلفة، حاول التنظيم وضع محددات ومعايير خاصة لأخونة الجامعات خلال عام حكمهم للبلاد".
ومن شواهد ومظاهر ذلك، وفقا لزكي، عمل الإخوان على تعديل قانون تنظيم الجامعات بالشكل الذي يمكنهم من اختيار رؤساء الأقسام وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات من الإخوان، مضيفا: "لكن ثورة 2013 والإطاحة بهم أفشلت مخططاتهم، وأعادت الأمور لنصابها الصحيح".
وأوضح رئيس جامعة طنطا: "لمسنا جميعا محاولات أخونة الجامعة، ومن أبرز الأمثلة إبان حكم الإخوان، تولي محمد عمار القيادي الإخواني، (تم القبض عليه سبتمبر 2013 بتهمة التحريض على العنف)، عمادة كلية الهندسة بالجامعة، متخطيا جميع أساتذته رغم حداثة سنه، وكان السبب الوحيد لتوليه المنصب هو الانتماء للجماعة، مما أثار غضب هيئة التدريس حينها".
خطر "الخلايا الكامنة"
وأشار زكي إلى أنه "بالرغم من التحركات لتجفيف منابع الإرهاب في الكثير من المؤسسات والأجهزة المصرية، فإنه لا يجب استبعاد خطر الخلايا الكامنة للإخوان في تلك المؤسسات".
واستطرد: "استمرار وجود العناصر إخوانية يسهم في إعاقة الجامعات، التي تحتك بشكل مباشر بالجيل الجديد، عن أداء دورها وتقديم رسالتها التعليمية، علاوة على محاولة الترويج للأفكار الهدامة، وتوجيه الشباب نحو تبني أيدولوجيات متطرفة".
ورأى أعضاء في مجلس النواب المصري، ضرورة ترجمة "الحكم التاريخي" الصادر عن المحكمة الإدارية العليا، إلى خطوات عملية ملموسة لاستبعاد الإخوان من الجامعات والمعاهد التعليمية.
وقال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، النائب يحيى كدواني، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن حكم المحكمة بحظر أخونة الجامعات "يعبر عن الواقع ويتوافق مع نصوص الدستور المصري والقوانين المعبرة عنه".
وشدد كدواني على أن "الشعب المصري يرفض وجود الإخوان الذين يسعون لإحداث الفرقة والفتنة في المجتمع، وحاولوا في وقت سابق أن يجعلوا من أنفسهم أوصياء على المصريين، لكنهم فشلوا ونبذهم الشعب".
وشدد عضو لجنة الدفاع والأمن القومي على أن "خطر الإخوان لن يتوقف، مادام هناك دعم وتمويل من قوى إقليمية للإضرار بالأمن القومي والعمل على محاولة زعزعة الاستقرار في البلاد".
ترجمة لإجراءات عملية
بدوره، نبه عضو اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس النواب المصري، النائب مصطفى بكري، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن قرار المحكمة يفرض على الجامعات والمعاهد التعليمية المختلفة سرعة التحرك العملي لتطهيرها من العناصر الإخوانية".
كما نوه إلى أن "حظر أخونة الجامعات يجب أن يمتد للمدراس بكافة أنواعها، إذ تملك وزارة التربية والتعليم تقارير ومؤشرات على وجود عناصر إخوانية بالعملية التعليمية".
وأضاف: "حكم المحكمة يعتبر ترجمة أصيلة للحكم الصادر في وقت سابق بحظر الإخوان، ويتماشى مع القانون الصادر عن مجلس النواب في أغسطس الماضي، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1972 في شأن الفصل بغير الطريق التأديبي".
ولفت بكري أيضا إلى أن الإخوان "ما زالوا موجودين بعناصر ليست بالقليلة في الجهاز الإداري للدولة، مما يستدعي اليقظة والانتباه".
وفي أغسطس الماضي صدّق الرئيس عبد الفتاح السيسي، على القانون رقم 135 لسنة 2021 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1972، في شأن الفصل بغير الطريق التأديبي، وقانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016.
ووافق مجلس النواب المصري في 12 يوليو الجاري، على تعديل قانوني حدد حالات يجوز فيها فصل الموظف بغير الطريق التأديبي، والتي يأتي أبرزها "إدراج الموظف على قائمة الإرهابيين، وإخلال الموظف بواجباته الوظيفية بما من شأنه الإضرار الجسيم بمرفق عام بالدولة أو بمصالحها الاقتصادية".
حظر "أخونة المدارس"
واتفقت العضوة في مجلس النواب المصري، النائبة إيناس عبد الحليم، مع ما ذهب إليه بكري، مطالبة بتطبيق قرار المحكمة الإدارية العليا بشأن حظر الأخونة بالجامعات، على المدارس، لاسيما وأنها تحتوي على عدد كبير من المعلمين المنتمين لجماعة الإخوان، على حد قولها.
وقالت في بيان تلقى موقع "سكاي نيوز عربية" نسخة منه: "إن قرار المحكمة يؤكد تماما انتهاء عصر جماعة الإخوان الإرهابية في المؤسسات التعليمية، مما يساعد وبشكل كبير في القضاء على أفكار التطرف والفتنة بين الشباب".
وتابعت أنها كانت قد تقدمت بطلب إحاطة لرئيس مجلس النواب بشأن عزل أساتذة الجامعات المنتمين للإخوان الإرهابية، الذين لا يزالون يشنون حملات تحريض مستمرة على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد عرض مسلسل (الاختيار)، من خلال كتاباتهم وتحريضهم وتشكيكهم في بطولات الجيش والشرطة، وحان الوقت الآن لتطهير المؤسسات التعليمية من هذه الأفكار".
تصريحات عبد الحليم جاءت إشارة إلى مسلسل "الاختيار 2" الذي جرى عرضه في شهر رمضان الماضي، وجسد بطولات الشرطة المصرية في مواجهة الإرهاب.
يشار إلى المجلس الأعلى للجامعات بمصر، كلف في يوليو الماضي، رؤساء الجامعات باتخاذ الإجراءات اللازمة لتخليصها ممن ينتمون للجماعات الإرهابية.
وقال المجلس في اجتماع أخير له: "استعرض الاجتماع التعديل الذي أقره مجلس النواب مؤخرا على القانون رقم 10 لسنة 1972، بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي، الذي يقضي بإضافة حالة إدراج الموظف على قوائم الإرهاب، إلى الحالات التي يجوز فيها فصل الموظف بغير الطريق التأديبي".
وفي مطلع مايو الماضي، طالب وزير النقل المصري، كامل الوزير، خلال جلسة عامة لمجلس النواب، بضرورة تشريع قانون يقضي بمحاسبة المنتمين لتنظيم الإخوان من موظفي الدولة.
وأضاف الوزير أن "وزارة النقل بها نحو 162 موظفا ينتمون إلى تنظيم الإخوان الإرهابي ويعملون في قطاع السكك الحديدية"، مؤكدا على أهمية تعديل قانون الخدمة المدنية لفصل بعض الفئات ممن "يهددون العمل بالمرفق ويمثلون خطرا على سلامة المواطنين".