اقترب مارثون نتائج الانتخابات العراقية من النهاية، مع إعلان مفوضية الانتخابات، الخميس، الانتهاء من عمليات العد والفرز اليدوي التي "ستحدث تغييرا طفيفا" لن تكون له تأثيرات كبيرة على شكل القوى الفائزة التي أفرزتها النتائج الأولية، بحسب المفوضية.
وبدأت عمليات العد والفرز، قبل نحو شهر، في آلاف المحطات الانتخابية في بغداد، والبصرة، ونينوى، وأربيل، وصلاح الدين وذي قار، بعد تلقي المفوضية مئات الطعون والشكاوى، من كتل وأحزاب ومرشحين معترضين على النتائج الأولية للانتخابات.
وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات، التي جرت في 10 أكتوبر الماضي، فوز التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، بالمركز الأول بعد حصوله على أكثر من سبعين مقعدا في البرلمان الجديد من أصل 329.
في المقابل، فشل تحالف الفتح، الحليف القوي لطهران، ويضم أحزابا وقوى تمتلك فصائل مسلحة، في تكرار النجاح الذي حققه في الانتخابات الماضية، إذ نال 15 مقعدا فقط مقارنة بـ 48 مقعدا في انتخابات 2018.
وزعم قياديون في تحالف الفتح بوجود "تزوير" في العملية الانتخابية، واعتصم أنصارهم الذين يمثلون فصائل ضمن الحشد الشعبي أمام بوابات المنطقة الخضراء للمطالبة بإعادة الانتخابات.
وتؤكد مفوضية الانتخابات العراقية أن النتائج الأولية لن تتغير كثيرا، مرجحة الإعلان عن النتائج النهائية في وقت مبكر من الأسبوع المقبل.
وقال عضو الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، لموقع "الحرة" إن إعادة العد والفرز اليدوي أفرزت تغييرات في خمسة إلى ستة مقاعد في البرلمان المقبل، نافيا التقارير التي تحدثت أن التغيير طال ما يصل لـ12 مقعدا.
ولم يكشف جميل أسماء المرشحين الذين طالتهم التغييرات، لكنه أشار إلى وجود "ستة طعون موضوعية" قادت الهيئة القضائية للانتخابات لاتخاذ قرار بشأنها.
وسيشمل التغيير في النتائج ستة مقاعد، ضمن محافظات بغداد، وأربيل ونينوى، وكركوك، وبابل، والبصرة، وفقا لجميل.
وفي ظل هذه الأرقام، يرى الخبير القانوني طارق حرب أن التغييرات جاءت ضمن التوقعات، ولن تؤدي إلى تغييرات في شكل القوى السياسية التي ستشكل البرلمان العراقي الجديد.
يقول حرب لموقع "الحرة" إن "تغيير ستة مقاعد يشكل ما نسبته 2 بالمئة من العدد الكلي لأعضاء البرلمان، وهذه نسبة مقبولة وأقل بكثير من المعايير الدولية التي حددت ذلك بنحو خمسة في المئة".
الأهم من ذلك، وفقا لحرب، أن التغييرات الجديدة لن تؤثر على شكل الكتلة النيابية الأكبر عددا، التي عادة ما يدور الجدل بشأنها بعد كل عملية انتخابية في العراق، لأنها تكون المسؤولة عن تشكيل الحكومة الجديدة.
وينص قانون مفوضية الانتخابات العراقية الصادر في عام 2019 على أن يشكل مجلس القضاء الأعلى هيئة قضائية للانتخابات من ثلاثة قضاة للنظر في الطعون.
وكذلك، أشار القانون إلى عدم إمكانية الطعن بقرارات مفوضية الانتخابات "إلا أمام الهيئة القضائية للانتخابات"، وشدد أن قرارات هذه الهيئة "باتة" وبالتالي لا يمكن الطعن بها.
ما الذي يعنيه هذا؟
يؤكد جميل أن "الهيئة القضائية ستبت الأسبوع القادم بالطعون بشكل رسمي وترسل كتابا للمفوضية تبلغها فيه بإنهاء عملية النظر بالطعون والقرارات الصادرة بهذا الشأن".
بعد ذلك تعلن المفوضية النتائج النهائية وأسماء الفائزين وترسلها للمحكمة الاتحادية العليا للمصادقة عليها، بحسب جميل.
ويضيف أن "دور المحكمة الاتحادية سيقتصر على التدقيق بأسماء المرشحين الفائزين في حال اقترفوا جرائم جنائية أو فساد إداري بعد فوزهم بالانتخابات، وبالتالي عزلهم، وعدم المصادقة على فوزهم".
عند وصول الأسماء النهائية للمحكمة الاتحادية ينتهي دور مفوضية الانتخابات، التي تلقت إشادة دولية من الأمم المتحدة ودول غربية لإدارتها العملية الانتخابية بـ"سلاسة" وأجرت "تحسينات فنية وإجرائية كبيرة مقارنة بالانتخابات العراقية السابقة".
ويوضح حرب، الخطوات التي تلي وصول أسماء المرشحين الفائزين للمحكمة الاتحادية بدءا من المصادقة عليها وانتهاء بعقد أولى جلسات البرلمان الجديد.
يقول حرب إن الدستور لم يحدد مهلة زمنية معينة للمحكمة الاتحادية من أجل المصادقة على النتائج، لكنه أكد أنه "جرى العمل ألا تتجاوز 72 ساعة" اعتمادا على العمليات الانتخابية التي جرت في السنوات الماضية.
بعد المصادقة، حدد الدستور فترة 15 يوما، يجب أن يدعو خلالها رئيس الجمهورية الحالي، البرلمان الجديد، للانعقاد خلال 15 يوما من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة، وفقا لحرب.
ونصت المادة 55 من الدستور العراقي على أن الجلسة الأولى تعقد برئاسة النائب الأكبر سنا، ويتم خلالها انتخاب رئيس للبرلمان ونائبين اثنين له بالأغلبية المطلقة.
بعد ذلك، ينتخب البرلمان رئيسا جديدا للبلاد خلال 30 يوما من انعقاد الجلسة الأولى بأغلبية ثلثي الأصوات، وفي حال لم يحصل أي مرشح على الأصوات المطلوبة، تجري جولة ثانية يفوز بها المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات.
وبالنسبة لرئيس الحكومة، نصت المادة 76 من الدستور العراقي على قيام رئيس الجمهورية بتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال 15 يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.
وأيضا ذكرت أن رئيس مجلس الوزراء المكلف يتولى تسمية أعضاء وزارته خلال مدة أقصاها 30 يوما من تاريخ التكليف