الرمزية شيء ثقيل، أن تحضر حيث يغيب الناس، وأن تتواجد حين يختفي الجميع،هي ثقيلة بثقل المواقف والعطاء التي يبذلها كل رمز ليس لأجل شيء بل من إحترامه لنفسه وهكذا يتشكل الرمز في وعي الناس بمواقفه.
أنا في تعز، منذ شهر، وجدت تعز الحقيقية التواقة لرمز يلم شعثها الممزق، وليس بمقدور قلمي التحدث عن كل شيء، وسأكتب هنا بضعة أحداث ومواقف حدثت معي وعشتها بنفسي في مدينة تعز عن وبشأن العميد وله
سأكتب له ولكم، لي وللمدينة، وللتأريخ
تواقون لك، وأيم الله، ولرمز يصنع قدر المدينة،المعتق بالبكاء، يعيد تشكيل الوجه الأسمى لتعز، ولا أحد غيرك، يمنح ذاتية الجبال،بلون السواحل، سحنة المجد والعز
ذات مرة كانت تعز بحاجة لرمز، خطفته من قارعة الطريق، قالت له كن، فكان، كان خلافاً لرؤية تعز، حاولت المدينة أن تجعله الوجه السامي، ضحت معه، وقفت بجانبه،تبحث عن القدر الجميل لملايين الناس وذهب يحبث عن القدر الأناني لملايين جيبه،وسرعان ما تهشم وجهه، وتمزق، وضاع في سديم البلاد،تلاشى ويكاد أن يصبح حوثياً من حوانيت مسقط وهو الذي جعلته تعز كنانتها وسؤدد الملاحم ولكن من يقنع المزيف أن يتحول الى حقيقة وإن حاول فهو يسقط بهوى نفسه بأول خط سير وبأول كبوة، ومهما تلون بلون التضحية يجد نفسه، بل نجده، وقد تحول الى مصلحة ولا يجدر بي أن أقول تحول فهو كذلك لولا المدينة التي حاولت تربيته فلم يتربى،وطار
طار يتاجر بأوجاع القتلى والجرحى،ويعيد الفوهات الى الخلف، ويطعن المعركة الوطنية بالظهر،طعنات قاتلات، وتنصعق تعز بالمفاجأة
لأعود وأتحدث عن الرمزية : شيء كبير جداً وليس من السهل أن تصبح رمزاً ، هي الطلقة السماوية بأنامل القضاء والقدر،تسوقك الى المجد روحك التي لا تريد المجد ومن أراد أن يكون رمزاً لا يمكنه أن يكون، فهذه القيمة العالية علو الوجود والعدم نابعة من التخلي عنها، تتخلى عن كل شيء، فتصبح كل شيء
الرمز : انسان يراقب نفسه، قبل غيره،يتأدب مع روحه، فتتأدب له مواطن وبلدان،الرمز أن يكون من ذات نفسه، تكبر روحه بسعة مكانه وبمكانة بلاد، أن لا يطول على حلم الجماهير وألا يصغر أقل من أمنيات الناس،الرمز دِقة .
الرمز لا يأتي من فرط، ولا تضعة القدرة في كف الدنا، بل يجد ويجتهد ويمزق نفسه الى مزق شتى ليوحد الناس، وأن يبزغ من ظرف وظروف مستحيلة فلا يمكن للمنتصر حتى أن يكون رمزاً اذا توفرت له عوامل النصر فالرمز ينحت من جبل، عاطش في قيعة يجد بأنمله ويحفر بئراً ليشرب ومن معه وهم اثناء حفره يسخرون منه ويقولون له لا ماء هنا ولا حياة
أنت الرمز يا طارق، قلتها مراراً وأقلها تكراراً وأنت الذي بزغت من ظروف مستحيلة،كانت تعز لا تدرك عنك شيء، وأصبحت الملاذ لكل تعز، للمرضى ملاذ، وللهاربين ملاذ، وللطلاب ملاذ، وللمطحونين ملاذ، فكيف أصبحت هذا الرجل الذي تلهج باسمه تعز، كرمز من أزمنة نبيلة، وكيف لك أن تتجاوز سنوات الخلاف والتركات الثقيلة لجيل الساسة الذين سبقوك وتتعمم بجبال وسهول وسواحل تعز كملك الضوء الذي توجته النجوم في زمن الخرافة
هكذا كان، كان ولا زال يبحث عن ذاتية والمعنى الحقيقي للفكرة الوطنية،ووجد نفسه هو المبنى، وما بين معنى ومبنى سنوات من الكفاح،كفاح الشارد الوحيد الذي هو الآن كل الناس، وجِد المتهم الذي أصفى بكفاحه كل سحب التهم المكلحة بالخصوم، واجتهاد من يدرك أنه بالناس ودون الناس صفر وتحول الى رقم، رقم كبير، تعدى من سبقوه بسنوات فسنة من سنواته عن عشر، ولحظة عن يوم
شهر كامل وتعز معي وأنا في تعز، يتحدث الناس عنك بكل شموخ، ألمس نبرات الحديث التي تتكلم عنك، رأي الناس وهم ينصفونك، دفاع الناس عنك، تلبية الناس لك، توق الناس لاسمك ورسمك ولمصافحتك، مطالب الناس حتى فمن يطلب منك هو يراك كل شيء،لأنك الملاذ، في زمن بلا ملاذ، فمن تعز تتعالى هذه الفكرة، فكرة تصويب المعركة الوطنية، وتعز جليلة أيها القائد، جليلة نبيلة، تؤثث اليمن بالحقائق الكبيرة منذ الأزل، وقد حان دورها كبوصلة للتحولات أن تقول كلمتها معك وقد قالتها وستقول، سوف تصيح صيحة ترتب الجهات، وتدوزن الرؤى، وتصف رجال المجد خلف من يستحق المجد، لنعانق الغد الماجد
كفاحك المستمر وخيبة ظن تعز بمن مروا وطحنوها يمتزجان، مزج الشيء بأصله،لتكن أنت ولا سواك العوض النبيل لهذه المدينة المتعبة بسنوات الحرب والحصار والفوضى ولتكون تعز ولا أحد غير تعز النهاية السعيدة لسنوات التعاسة كما كانت البداية الشامخة وما كان أول الشيء يكون آخره،بك ورمزيتك
ولي آخر القول كلمة : لا شيء يخيف عدو البلاد منك أنت وتعز، مزجكما الخالص سوف يكون النصر الخالص، والمعركة الخالصة في منتصف الجغرافيا والكارثة وستبزغ الجموع خلفك هاتفة للوطن الجليل الكبير،فهي تعز .