شارك رئيس مجلس النواب الشيخ سلطان البركاني، اليوم، في أعمال المؤتمر الرابع لرابطة برلمانيون لأجل القدس، والمنعقد بالعاصمة التركية أنقرة خلال الفترة من 30 نوفمبر وحتى 1 ديسمبر المقبل تحت شعار (القدس خطنا الأحمر) وذلك بمشاركة رؤساء برلمانات واعضاء خمسين برلمان من مختلف الدول ورؤساء لجان فلسطين في البرلمانات.
وكرست الجلسة الافتتاحية التي شارك فيها نائب رئيس المجلس المهندس محسن باصرة وعضو المجلس أحمد البرطي، وبحضور صخر الوجيه ممثلا لمنظمة برلمانيون عرب ضد الفساد، للوقوف على العدوان الصهيوني المتواصل على أبناء الشعب الفلسطيني وانتهاكاته المستمرة لمدينة القدس وحرمة المسجد الأقصى، وعدوانه الغاشم والبربري على الشعب الفلسطيني، فضلًا عن التهجير القسري، وسياسة الاستيطان التوسعية المستمرّة في الأراضي المحتلة الفلسطينية.
وقد القى رئيس مجلس النواب كلمة في الجلسة فيما يلي نصها...
بدايةً، اتوجه باصدق آيات الشكر والتقدير للاشقاء بالجمهورية التركية حكومة وقيادة وبرلماناً وشعباً، استضافتهم هذا المؤتمر وكرم الضيافة وحسن الاستقبال، وثانياً، ومن هذه القاعة اتوجه باسمكم إلى شعبنا الابي باصدق التهاني بيوم ٣٠ نوفمبر والذي تصادف يومنا اجتماعنا هذا يوم جلاء المستعمر الانجليزي عن ارضنا الغالية وقيام الحكم الوطني اليمني، وهذه المناسبة نعتز بها اعتزازاً كبيرا، كما تصافد اليوم العالمي لنصرة الشعب الفلسطيني، لقد اخترتم هذا اللقاء بعناية تتصادف مع الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
نعم ..نلتقي في هذا الوقت العصيب من تاريخ العالم بفعل جائحة كورونا، واللحظة الفارقة من تاريخ امتنا العربية التي تعاني بعض بلدانها الويلات والحروب والتمزق، في مقدمتها بلدي الحزينة المقهورة والمغلوبة على امرها، ورغم كل ذلك تظل القضية الفلسطينية والقدس الشريف الهم الذي لا يفارقنا مطلقاً، لأن حالة الغرور والجرائم الإسرائيلية المتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني مسلميه ومسيحيه على السواء، وما تمارسه إسرائيل من جرائم بشعة وقتل وتنكيل، بحق شعب أعزل، ومساعيها الدؤوبة لتهويد المقدسات في القدس الشريف كل ذلك قد بلغ ذروته وضاعف من الجرح الدامي لشعب فلسطين منذ عشرات السنين، حيث تعاقبت الأجيال والنكبة قائمة، وعندما يلوح اسم فلسطين، فانه لا يتبادر إلى الذهن سواء بلديزر يهدم بيوت الفلسطينيين ولا يتراء الا أطفال ونساء يضربون ويسحلون في الشوارع من قبل القوات المحتلة، واجساد تتساقط برصاص جنود الاحتلال والقوة الغاشمة أمام الحجارة في ايدي الأطفال الذين يواجهون كل آلات القمع والفناء، مؤمنين ان فلسطين والقدس الشريف موطنهم وأرضهم التي لن يسمحوا لغاصب او معتدٍ أن يقتطعها أو يبتلعها أو يدمر بنيانها وثقافتها وهويتها ومنارتها الإسلامية وعروبتها الاصيلة، وتعايشها الديني الأمثل.
السيدات والسادة...
إن محاولة تفريغ القدس من ساكنيه وتغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم وطمس هوية أولى القبلتين، يدعونا كبرلمانيين ويدعو العالم الحر وكل المؤمنين بالسلام ان يقفوا في وجه الصلف الإسرائيلي ويمنعوه من تحقيق أحلامه المجنونة ونظراته الاستعلائية وكبريائه، وإيقاف جموح الاستيطان وبناء الأسوار وتقطيع الاوصال التي يمارسها الصهاينة في أرض فلسطين، ويمنع محاولتهم جعل الشعب الفلسطيني محاصراً في جزر صغيرة خانقة ضمن محيط تحكمه قوة عسكرية غاشمة، لم يردعها ضمير ولا قيم ولم يوقف سيل عدوانها القرارات الأممية ولا الاتفاقات الدولية وما أكثر ما أتخذته الأمم المتحدة من قرارات بشأن القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي بل انها اكثر القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة ولكنها ظلت حبراً على ورق، وظل الشعب الفلسطيني يتجرع مرارة العدوان الإسرائيلي الغاشم، وتفننه بارتكاب الجرائم وابتداعها.
نشأنا على هذه الصورة نبكي على اقراننا في فلسطين وقبلنا أباؤنا وحتى الان لازال صغارنا يبكون اقرانهم الذين يتساقطون كل يوم بذات الوتيرة التي بدأت قبل عشرات السنين وكل جيل شاهد على عشرات المجازر.
إن فلسطين ليست جُرحاً نتذكره بل جراحاً تنزف بصورة دائمة على مرأى ومسمع من العالم، الذي لا يلتفت الى هذا الانين، وكانه اعتاد عليه ، لا تتوقف الاحداث ولا تحد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين بل ترتفع وتيرة الانتهاكات والبطش واغتصاب الأرض وهدم البيوت واعتقال السكان وتجريف المقدسات وطمس المعالم التاريخية والحضارية والدينية ويتفاقم الوضع من سيئ الى اسوأ ولا حياة لمن تنادي في هذا العالم الصامت.
ونظل نحن في العالم العربي والإسلامي لا نملك الا بيانات التنديد والشجب فقط، ونسمع من بقية العالم التعبير عن الأسف فقط ، وليس غير ذلك ما شجع اسرائيل على التمادي، وهي اليوم تسعى لتهويد القدس وتغيير وجه فلسطين على نحو يفيد بان الجريمة الاستيطانية تتصاعد افقيا وراسياً بسعيهم الحثيث لابتلاع كامل فلسطين وابادة وتشريد شعبه، وبدرجة مركزة الفلسطينيين المقدسيين، حيث تكمن ابرز المعالم الإنسانية والإسلامية، وقد تركت تلك الحضارات بصمات لا تنسى فيها مازالت ماثلة امام التاريخ كالحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصخرة والجامع العُمري وحائط البراق والعديد من المعالم التي يحاول اليوم الصهاينة طمسها متجاهلين ان القدس هو البيت الأول للأديان السماوية وهو المسراء والمعراج بالنسبة للمسلمين وهو فوق ذلك يتجلى قيمة عظيمة في الديانة المسيحية التي تعتبر القدس الذي كان يسوع المسيح يقيم ويبشر فيه مركزها الأول، ان القدس هي المكان الذي تلتقي فيه قلوب المسلمين والمسيحيين واليهود حيث يتحدث التاريخ عن قرون من التعايش في هذه المدينة التي يحاول الصلف الصهيوني انتزاع قيم التسامح والمحبة فيها وتهويدها عنوة، حيث يتواطأ معه الأقطاب الدوليين ويصمون اذانهم، وتسقط عند إسرائيل قيم العدالة والإنسانية والحقوق التي يدعونها والديمقراطية وحقوق الانسان والحريات، العصى الغليظة التي يلوحون بها امام الشعوب الأخرى.
السيدات والسادة...
أقف امامكم وبلدي اليمن يثخنها الجروح وتطحنها الحرب منذ اشعلتها مليشيات الحوثي الطائفية المدعومة من إيران قبل أكثر من سبع سنوات لم تهدأ للحظة واحدة ولا يمر يوم الا ويتساقط فيها الضحايا وقوداً لأطماع المليشيات في الحكم المزعوم القائم على الحق الإلهي والسلالة العرقية، تزداد حدة الحرب وبزيادتها تثخن الجروح وتتكاثر المآسي وتمتلئ المقابر بعد ان افشلت المليشيات الحوثية وخلفها إيران كل المساعي السلمية وبددت فرصها.
إن اليمن الان يُضرب في صميمه الاجتماعي والثقافي قبل الأمني والسياسي، فتلك الميلشيات تمارس ذات الفعل الذي يمارسه المستوطنون الصهاينة من تهجير وتغيير للهوية الثقافية وتجريف العادات والأعراف القائمة على التسامح والتعايش بين المكونات المجتمعية للبلد الواحد واحلال طائفية دينية بذاتها قادمة من وراء الحدود ومن بطون الكتب الغابرة والكهوف المعتمة، قادمة من إيران التي تشكل خطر داهماً على الإقليم بكله وتهدد الاقتصاد العالمي، وتؤرق المنطقة وتقتل أبنائها في اربع بلدان على السواء ، وتسعى لاستعمار شعوب المنطقة وعلى راسها اليمن ودول الخليج ، بعد ان سعت الى استثمار قضية فلسطين والقدس وتحويلها إلى عكاز تتكئ عليه لفرض نفوذها الاستراتيجي على المنطقة العربية وبحر الخليج والبحر الأحمر الذي يؤدي إلى فرض حضورها العسكري في المنطقة لشن حروبها وتنفيذ اجندتها وها هي أسلحتها تقتل الشعب اليمني والشعوب الأخرى واموالها تدمر كل مقومات الحياة في الشعوب الأربعة التي تعاني ويلات العدوان الإيراني و وحشيته.
السيدات والسادة...
إن ما يعيشه اليمنيون من مآسي بسبب تلك الأفعال تفوق الخيال من قتل وتدمير وتشريد وضياع وبطش وجبروت وطغيان وفقر من خلال الممارسات البشعة وانتزاع اللقمة من افواه الجائعين، ونهب المساعدات الإنسانية ولولا أن قيض الله له إخواناً اجلاء وجيران أوفياء في المملكة العربية السعودية جمعتنا بهم الجغرافيا والدم والدين واللغة وصلة القربى والرحم لتفاقمت الكارثة ودمر اليمن وأبنائه ولتمزق اليمنيون إرباً إربا، وصاروا في مخيمات اللجوء وفي الخلاء المجهول مناطق مختلفة ولا استطاع العصابة الباغية والاصابع التي تحركها من تحقيق ما يسعون اليه ويستهدفونه.
وإني من هنا أتوجه بالشكر الجزيل لأشقائنا في المملكة العربية السعودية واتوجه بالرجاء لكم ان تقفوا الى جانب زملائكم البرلمانين اليمنيين وشعبهم وتقفون موقفا يعيد الحق الى نصابه ويوقف معه طاحونة الموت وترمل الزوجات وأنين الضحايا وهدم الآسر.
وختامًا...اتمنى الا يتحول هذا اللقاء الى مجرد ظاهرة او إسقاط واجب، راجياً ان يكون له قرارات تستنهض همم البرلمانيين المشاركين والعالم وتنقذ الشعب الفلسطيني والقدس الشريف من الممارسات الاسرائيلية العابثة والسطو على حقه وحرمانه من إقامة دولته وعاصمتها القدس لان من غير المنطق أن يسمح للفيف من البشر قدموا من شتى بقاع الأرض بملك ارض الغير و التوسع والسيطرة على حساب السكان الأصليين وعلى أرضهم، القدس أمانه بأعناقنا جميعا ولن يغفر الله لنا والتاريخ ان تهاونا او فرطنا وان الدعوة موصولة للقيادات العربية والإسلامية ان تتحمل مسؤولياتها التاريخية.
القدس تناديكم القدس تناديكم القدس تناديكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كما القيت في الجلسة الافتتاحية كلمات من قبل رئيس البرلمان التركي البروفيسور مصطفى شنتوب، ورئيس رابطة برلمانيون لأجل القدس عضو مجلس النواب حميد الأحمر، ورئيس رابطة تركيا الدكتور نور الدين نباتي تطرقت إلى أهمية انعقاد المؤتمر في الفترة الحالية والتي تأتي في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب الفلسطيني جراء العدوان الغاشم من سلطات الكيان الصهيوني، والمواضيع المدرجة في جدول أعمال المؤتمر والتي تناقش ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك لدعم الشعب الفلسطيني، وأهمية دعم القضية الفلسطينية