ترأس رئيس مجلس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، اليوم، في مبنى ديوان محافظة عدن، اجتماعاً لقيادة وأعضاء السلطة المحلية والمكتب التنفيذي بالعاصمة المؤقتة عدن.
وألقى رئيس الوزراء كلمة توجيهية في الاجتماع قدم في مستهلها التهاني للشعب اليمني العظيم في الداخل والخارج بذكرى العيد ٥٤ للاستقلال الوطني المجيد ٣٠ نوفمبر.. مشيراً إلى أن عدن كانت أيقونة هذا النضال والذي تجسدت فيه كل حركات القوى الوطنية لتحقيق هذا الإنجاز، في رمزية أساسية هي الحرية باعتبارها ليست اختيار وانما قدر لمن ناضل وقاتل في سبيلها.
وأوضح إن رمزية الاحتفاء بالاستقلال بعد سبع سنوات من خوض معركة استعادة الدولة وانهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا، والتصميم والعزيمة في إبقاء هذا الوهج النضالي للحرية والحفاظ على عروبة وهوية اليمن.. لافتا إلى عدن لازالت تعاني من آثار الحرب والدمار جراء الحرب الحوثية في 2015م وفقدت عدد من أبنائها ومازالت تناضل في معركة الاستقرار والبناء والانتصار على الإرهاب وستنتصر وينتصر معها الوطن من أقصاه الى أقصاه.. وقال " مشكلة اليمن الأساسية التي تمس سيادته ووحدته هي من الطرف الاخر في مليشيا الحوثي الانقلابية أكبر حركة إرهابية مليشياوية".
وتطرق الدكتور معين عبدالملك، إلى التحديات الراهنة التي تواجهها عدن منذ عام 2015، والخطط التي وضعت لترميم آثار الحرب وإعادة الاعمار في مختلف مديرياتها وحصر الاضرار، وما يمكن القيام به لتجاوز المعوقات التي سادت خلال الفترة الماضية.. مشيرا الى ان في العام 2015 لم يكن هناك خيار للناس في عدن الا حمل بنادقهم والقتال مدركين ان الحرية ليست خيار بل هي قدر لمن يريد ان يعيش بحرية وكرامة وسيادة، ووقف الى جانبنا الاشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية وقدموا معنا التضحيات وامتزجت دماؤهم بدمائنا من المملكة والامارات والسودان والبحرين من عدن الى باب المندب الى مارب، في معركة مصيرية ووجودية للعرب جميعا.. مؤكدا ان مأرب اليوم تقاتل في معركة وطنية للانتصار لليمن كلها بعد ان تحولت من مدينة صغيرة الى ملتقى يجمع كل أبناء الوطن وانشات فيها الجامعات ودبت فيها الحركة والحياة، فقتالنا هو مشروع حياة امام مشاريع الموت الحوثية.
وأكد ان عدن لها وضع خاص ليست لأنها العاصمة الاقتصادية، لكنها الان هي العاصمة السياسية والاقتصادية، وعلينا ان نتحمل جميعا مسؤولية تجنيبها أي صراعات، لأن الصراع في العواصم يتنقل عادة شئنا ام ابينا وهذا ما حدث في صنعاء ولا نريد له ان يتكرر في عدن.
وأضاف " يمكن ان التقدم كان بطيء الى الان ولم نستطع اصلاح أشياء كثيرة، بحيث أن الناس تتخطى آثار الحرب، لكن اليوم نجتمع في هذا المبنى بديوان محافظة عدن، المغلق منذ ثلاثة سنوات، لان لدينا ما نبني عليه بعد اتفاق الرياض، وتعيين المحافظ، والوصول الى توافقات".
واستعرض رئيس الوزراء الحالية المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطن حاليا وسحقت قدرته حتى على ان يوفر قوت يومه .. وقال " من المهم نعود إلى الأسباب وكيف ممكن توفير سبل العيش الكريم لمواطنينا، وهذا التحدي ستخوضه الحكومة والسلطة المحلية على الأرض مهما كانت التحديات، وليس هناك امامنا تحديات اكبر مما يتعرض له المواطن وهذه مسؤوليتنا ولن نتخلى عنها تحت أي ظرف".. مشيرا الى التحدي الأمني الذي تواجهه عدن والمحاولات الإرهابية المتكررة لزعزعة استقرارها، وقال "ما يحدث الآن في عدن رغم كل المحاولات ومنها المحاولات الأخيرة التي استهدفت محافظ عدن ووزير الزراعة والتفجير امام بوابة المطار والشهداء الأبرياء الذين فقدناهم، إلا أن عدن قادرة على الصمود والمواجهة والتحدي، وهناك تقدم ملحوظ في تحقيق الامن شهر بعد اخر".
وشدد على ان بلادنا تعيش في مرحلة طوارئ ما يقتضي الحاجة إلى تطوير لوائح، واتخاذ إجراءات استثنائية تتواكب مع التحديات القائمة، وعدم الركون الى العمل بنفس الإيقاع القديم.
وأضاف " الوضع ليس مثالي ولا سهل، وكثير من القوى كل واحد يحافظ على مساحة نفوذ خاصة، لكننا نريد ان نجسد معنى الشراكة لاستعادة مؤسسات الدولة، وفي الأخير الشرعية هي مؤسسات دولة، وهذا ما يجعل الدولة ثابته وتستطيع القيام بدورها".
وأكد الدكتور معين عبدالملك، ان كل المحاولات السابقة لعرقلة عمل الحكومة على الارض والسلطة المحلية لها أبعاد مختلفة يحتاج لها مصارحات مع الناس حول الظرف الاقتصادي الصعب الراهن، وقال " سنصارح الناس وسنتكلم بشفافية حول الإمكانيات وفي موضوع الشفافية المالية، وستعلن وزارة المالية أرقام كثيرة، وهذه مسؤولية مركزية ومحلية، فما هو محلي على السلطات المحلية مكاشفة المواطنين في كل مكان، سواء كان في المكلا أو في عدن، ونضع الأمور في نصابها، الحرب سحبت علينا إمكانيات كبيرة جدا، لسنا في وضع عادي، في ظل هذه الحرب استثمرت الدولة في محطة مركزية مثل محطة الرئيس أو خطوط نقل لم يتم عملها في عدن منذ 30 سنة، في أشياء كثيرة كنا نتمنى أن تنجز بسرعة لكن ستأتي".
ووجه رئيس الوزراء بإعادة التخطيط وفق أسس جديدة والانتقال بالامور الى مستوى اخر وان يكون العام القادم 2022م هو إعادة لتخطيط الأمور بطريقة مختلفة ليس في عدن فقط ولكن في كل المحافظات.
وجدد التأكيد على أهمية توحيد القوى وترجمة توجيهات ورسائل فخامة رئيس الجمهورية في هذا الجانب الى واقع عملي، فالوقت لم يعد يحتمل المزيد من المكايدات السياسية، وما يمكن عمله لإنجاز خطوات اكبر ونقل التوافق السياسي الى تطبيع امني اكبر وإجراءات اقتصادية اكثر فاعلية.. مشيرا الى ان الاحتقانات حاليا لأسباب اقتصادية ومعيشية موجودة بكل مكان، وعلينا التعامل بمسؤولية مع ذلك.. متطرقا الى الإصلاحات التي تنفذها الحكومة رغم كل التحديات القائمة جراء الحرب او وجود قوى مختلفة كل واحد يحاول يحافظ على مساحة نفوذ، وهذه حقائق على الأرض، ونعمل بكل جهد على تحويل هذه الأمور والتوازنات لمصلحة قوة الدولة ومؤسساتها.
وأشار الدكتور معين عبدالملك، الى ان الحكومة أنجزت إصلاحات وابرزها في ضبط الإيرادات المركزية ورفعها وتقليص الاعتماد على الإصدار النقدي المكشوف.. وقال " هناك تقدم حصل في توريد المحافظات ونشكر محافظ المهرة على إيقاف بعض التدخلات، وهذا شكل فرق كبير معنا في الإيرادات، وهناك إصلاحات كبيرة في المنظومة المالية والنقدية، وهذا يتطلب استقرار سياسي، وكل ما نمضي في إصلاحات هذا يستفز مراكز قوى معينة، وهذا ليس استعراض بل هي إجراءات تسير بوتيرة ثابتة وتحتاج الى صبر لنرى نتائجها".. مؤكدا ان الحملة الممنهجة لاثارة الإحباط بين المواطنين واختلاق الاشاعات والحرب الإعلامية ضد الحكومة تقف ورائها القوى التي ترى في الإصلاحات تهديد لمصالحها الشخصية.
ولفت رئيس الوزراء الى المشهد العسكري القائم في جبهات القتال ضد مليشيا الحوثي الانقلابية التي تشهد انكسارات في مأرب والضالع والحديدة وتعز وغيرها، واهمية البناء على وحدة الصف الوطني لاستكمال استعادة الدولة وانهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا.
وأكد إن الدعم الاقتصادي مهم جدا واي تأخير فيه سيضاعف من الكلفة .. وقال " هذه الحكومة تشكلت بموجب اتفاق الرياض وهناك استحقاقات، ومن الصعب القيام بإصلاحات دون وجود دعم، وعلى اشقائنا واصدقائنا تقديم الدعم العاجل والسريع وهو ما سيساعدنا ويساعد المواطنين، واذا استمر التدهور فهو يقوض أي إصلاحات نقوم بها ويهددها".