لا أكتب عن علي عبدالله صالح كطبل أو كإيمان طفولي أو عاطفة
أنا أجسد حياة شخص تجسدت فيه هذه البلاد وأكتب عن لحظات فارقة وعن الاحتمالات الصعبة وعن الظروف الصعبة وعن الرجل الصعب وعن صعوبة ما تخطاه صالح وعن تجدده بعد موته، كما تجدد في حياته،
لم يقف علي عبدالله صالح دون أن يتجدد وكان له في كل عشر سنوات مكان وذكرى وتجديد
العشر الأولى كان له العروبة،
العشر الثانية الوحدة
العشر الثالثة حضور الإقليم البهي في صنعاء والعشر الرابعة تنازله عن السلطة
وكانت حلقته الأخيرة هي موته بتلك الطريقة الماجدة
شاهد علي عبدالله صالح قبل أن يموت ما يحدث في هذه البلاد وقال قولة العارف بحس الخبير بالمشهد الاجتماعي والسياسي للبلاد، قال : أنا علي عبدالله صالح، أشارف على الموت ولا بد أن أفيد بموتي هذه البلاد
أخذ بندقيته وقاتل،
أخذ سلاحه وأطلق،
أطلق ليموت؛
ومات صالح، الذي أشغل الدنيا بحياته وأنتصر بمماته،
مات كما أراد أن يموت، ككل شجعان التأريخ وهم قلة،
مات ليجدد النضال وليبث بروح الجمهورية روحه التي دعمت الجمهورية
مات بلحظة فارقة لتحيا الجمهورية، مات لتعيش معركة الدفاع عن قدس الأقداس، مات الرجل ليحيا اليمني شامخاً ببندقية الفداء
عاش كبيراً ، يناهض السماء مكانتها، ومات كبيراً يعتلي بروحه السماء،
علي عبدالله صالح : الرجل الفارق في المرحلة اليمنية ، بل في كل المراحل،
الأسطوري،
والناس الذين لا يزالون يشتمونه الى اللحظة هم دون يقصد يخلدون صالح،
فلا أحد دون صالح يختلف فيه الناس الى اللحظة هذه،
حب
كره
حب وكره
معه
ضده
معه وضده
كل هذه التوصيفات جزء من مرحلة صالح البهية، وقد كنت تكرهه بوجهه، في مرحلة عربية ديكتاتورية كان يمكنك أن تقول لصالح وهو أمامك : أنا أكرهك !
تقلها وأنت تدرك أنه سيضحك وربما سوف يعطيك هبة جزيلة، فلقد كان صالح يعطي أكثر لمن يكرهه
كان يجفف ينبوع الكره بين الناس.
هذا هو علي عبدالله صالح الذي سأظل أكتب عنه طيلة حياتي، ما حييت، عن لحظاته المفصلية،
بعيداً عن الانتماء،
وعن الحب،
وعن الحزب،
بل قرباً من لحظات التجلي اليمانية، منه، كشخص، كزعيم، كرجل منح اليمن هيبته .