لم تقتصر مخاطر الألغام والعبوات الناسفة التي تزرعها مليشيا الحوثي في أنحاء اليمن، على البشر وحدهم، بل امتد خطرها ليحصد أرواح المواشي في القفار والحيتان في أعماق البحار.
ومنذ بداية حروبها التوسّعية في اليمن، دأبت المليشيا الحوثية على زراعة الألغام بأنواعها في الجبال والسهول والوديان والصحاري والقفار الميتة والصحاري المفتوحة. كما نشرتها في السواحل والجزر والقطاعات البحرية المختلفة.
وبين الحين والآخر تتسبب تلك الألغام والعبوّات في قتل وإصابة مئات المدنيين الذين يعملون في مهنة الرعي ومقتل عشرات الصيادين، إلى جانب الضحايا من المواشي والكائنات البحرية.
الألغام تفتك بسفن الصحراء
وتعد المناطق الغربية الساحلية لمحافظة حجّة، هي الأخطر على نشاط الرعي، خلال الفترة الماضية شهدت العديد من حوادث الألغام التي تسببت في سقوط ضحايا من المواشي. وآخرها إصابة ناقة المواطن أحمد بلال الغالبي، مطلع يناير 2022، بانفجار عبوة ناسفة بمنطقة ميدي.
وقبلها (في 24 يوليو ٢٠٢١)، بترت ناقة المواطن حسن بلال الجعدي بمنطقة الجعدة التابعة لمديرية ميدي الساحلية إثر انفجار لغم حوثي. وفي اليوم التالي، انفجر لغم آخر في ناقة أخرى بذات المديرية وأدى إلى بتر قدمها اليُمنى. ووفقاً للمرصد اليمني للألغام فإن الحادثة الأخيرة هي الـ14 من نوعها تعرضت لها نياق المواطن إبراهيم محمد علي حرمل، في ميدي.
وفي ديسمبر 2019، انفجر لغم أرضي في مجموعة من الجمال كانت تمشي على الخط الرابط بين ميدي وحرض غرب محافظة حجة، ما أدى إلى نفوق أربع منها، وفقًا لمصادر محلية.
وحينها، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً تظهر حجم الأضرار الجسدية التي لحقت بالنوق وأدت إلى وفاتها وهي جاثمة على أشلائها الممزّقة في بحيرة من الدماء.
وفي تعز، أدى نفجار لغم أرضي إلى نفوق رأس من الإبل في قرية الدوش بمديرية ذباب الساحلية، مطلع فبراير ٢٠٢٠.
الألغام والمراعي
تعمّدت المليشيا الحوثية زرعة الألغام حتى في المفازات والقفار رغم بعدها عن جبهات القتال، لتشكّل خطراً وجودياً على حياة مئات الرعاة والنحّالين وعلى المواشي بأنواعها. وبين الحين والآخر، يسقط ضحايا من الرعاة أو المواشي أو كلاهما معاً في مختلف المحافظات اليمنية.
ففي ٢٣ يونيو ٢٠٢١، انفجر لغم بمنطقة رعي في آل حميقان بمحافظة البيضاء، ونتج عنه نفوق نحو 20 رأسًا من الأغنام. وبعدها بنحو أسبوعين، انفجر لغم آخر بمواشي يملكهن المواطن إبراهيم كديم زين، في منطقة شعب العروج بمديرية عبس غرب محافظة حجة.
وخلال يناير الماضي (2022)، تسببت الألغام الحوثية بنفوق حوالي 25 رأسًا من الماشية، وفقاً لإحصائية نشرها المرصد اليمني للألغام، واصفاً شهر يناير بـ"المأساوي" على المدنيين.
وكان المرصد قد وثّق خلال النصف الأول من العام 2021، نفوق 110 رأسًا من الأغنام والأبقار والجِمال بسبب الألغام الحوثية والذخائر غير المنفجرة. موضحاً أن معظم الضحايا والخسائر كانت في المديريات الساحلية جنوب الحديدة، وغرب تعز، وشمال الجوف.
وبحسب إحصائية سابقة لمكتب حقوق الإنسان بالجوف، فإن الألغام الحوثية تسببت بمقتل أكثر من 100 رأس من المواشي بالمحافظة خلال الفترة من 2016 وحتى مطلع العام 2019.
الألغام والرعاة
وطالت أضرار الألغام الحوثية الرعاة وفي مقدمتهم الأطفال والنساء وكبار السن، ومنهم على سبيل المثال الطفل وزير ثابت سيف حسن (13 سنة) التي قتل بانفجار لغم حوثي أثناء رعيه للأغنام بقرية الطفيلي التابعة لمديرية مقبنة غرب تعز بتاريخ ٢٧ ديسمبر ٢٠٢١، وفقاً للمرصد.
وقبلها بأسابيع وتحديداً في (١٩ أكتوبر ٢٠٢١) ، أصيب الطفلين حسين أحمد البرماني، وماجد محمد حسين سالم البرماني، بانفجار مقذوف أثناء رعيهما للأغنام بآل برمان في مديرية الزاهر جنوب البيضاء، وقتل إلى جانبهما المواطنَين محمد عبدالخالق العروي وطارق محمد الحميقاني.
وفي الزاهر أيضاً، قتل ثلاثة أطفال آخرين وهم: عبدالرب محمد عبدالرب (10 سنوات) وعوض عبدالله محمد (10 سنوات) وعوني حسين ضيف الله (11 سنة) بانفجار قذيفة أثناء رعيهم للأغنام في منطقة الحبج منتصف يونيو ٢٠٢١.
وقبلها بحوالي شهر (١١ مايو ٢٠٢١) قتل طفل يدعى علي أحمد الوعل، وأصيب وجدي على الوعل، بانفجار لغم حوثي أثناء رعيهما للأغنام بمنطقة مخلق في مديرية العبيدية جنوب مأرب.
وتشير بيانات الضحايا إلى أن الأطفال هم أكثر ضحايا الألغام والمقذوفات في المراعي، يليهم النساء. ففي ٢٣ مايو ٢٠٢١، أدى انفجار لغم حوثي إلى وفاة أربع نساء وهن: دنيا سعيد كيعل، وسعيـدة ابراهيم شامي، ونادية على الله محجوب، وحجة سالم كيعل، بينما كُن يرعين الأغنام، في قرية الشعينة بمديرية حيس جنوبي الحديدة.
ومنتصف مارس من العام ذاته، قتل المسن محمد أسعد الغبير، جراء انفجار لغم به أثناء رعيه للماشية في جبل الحيكي بمنطقة أثاور في مديرية حيفان جنوبي شرق تعز.
الموت في أعماق البحار
وطالت أضرار الألغام الكائنات البحرية. ففي ديسمبر 2019، قتل حوت عملاق بسبب ارتطامه بأحد الألغام البحرية التي نشرتها مليشيا الحوثي بكثافة على امتداد السواحل اليمنية الغربية.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حينها، مشاهد مصوّرة للحوت الذي يتجاوز طوله 10 أمتار بعد مقتله متأثراً بإصابته التي أحدثها انفجار اللغم البحري في الجزء السفلي. وكانت التشكيلات البحرية التابعة للمنطقة العسكرية الخامسة قد عثرت عليه ميّتاً قبالة جزيرة بكلان التابعة لمديرية ميدي الساحلية.
ورجحت المصادر أن يكون هناك الكثير من الضحايا في أوساط الكائنات البحرية جراء الألغام العملاقة التي نشرتها المليشيا الحوثية بكثافة وبطريقة عشوائية في المياه الإقليمية، والتي تسببت أيضاً بسقوط ضحايا في أوساط الصيادين اليمنيين وصيادي الدول المجاورة وبالناقلات البحرية.