الألغام الحوثية تترصّد المغتربين اليمنيين في صحراء الجوف

الأخبار I أخبار محلية

صبيحة يوم الجمعة (١١ مارس ٢٠٢٢) كان عبدالمجيد الشومي ورفيقه رداد الشومي، ينفضان عنهما غبار الشقاء ومعاناة الغربة الطويلة بالمملكة العربية السعودية والتي أنهكت جسديهما وأكلت سنوات من شبابهما.

وفي الساعات الأولى من مساء ذلك اليوم كانا يقطعان الطريق الصحراوي إلى الشرق من محافظة الجوف ويحصيان الساعات القليلة التي تفصلهما عن عائلتيهما في محافظة حجّة (شمالي غرب اليمن).

وبينما كانا يقاومان مشقّة الطريق ولواعج الشوق إلى خضرة القرية وسكون المنزل ودف العائلة باغتهما لغم أرضي كانت قد زرعته مليشيا الحوثي الإرهابية في وسط الطريق الرملي.

ورغم الحادثة الرهيبة، إلا أن المسافرَيْن نجيا من الموت بأعجوبة، فيما استحالت سيّارتهما الصالون إلى حطام مهشّم، ومعها تهشّمت فرحتهما وشوقهما العميم.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للمغتربين وهما جالسان جوار بعضهما في قارعة الصحراء ويظهر عليهما حالة الذهول وخيبة الأمل. وتظهر خلفهما السيارة التي كانا على متنها وقد أصبحت مهشّمة خصوصاً الجزء الأمامي منها.

 

ليست المرّة الأولى

وتعليقاً على الحادثة، قال الناشط الحقوقي فهمي الزبيري، في تصريح خاص لـ"عدن الغد" إنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها المسافرون سواء داخليًا أو المغتربين لحوادث ألغام تؤدي غالباً للقتل والتشوية. مضيفاً أن سجل الحوثيين الأسود يعج بمئات وآلاف الجرائم ضد المدنيين.

وأضاف أن الضحايا في هذه الحادثة كانوا من الأبرياء المغتربين الذين كانوا في طريق عودتهم وفي غمرة الشوق لأهاليهم، وفي المقابل كان أقاربهم ينتظرونهم على أحر من الجمر بعد سنوات من الغياب في الغربة لكن آلة الموت الحوثية تأبى إلا أن تزيد من أوجاع اليمنيين.

وقال الزبيري، وهو أيضاً مدير مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة، إن الدموع والآلام التي يعانيها اليمنيون في أنحاء البلاد ستظل لعنة تلاحق قادة وأفراد عصابة الحوثي على مر السنين.

 

سلوك دموي

ووفقاً للزبيري، فإن مليشيا الحوثي تتعمّد زراعة الألغام في الأماكن العامة والطرقات الرئيسية والممرات التي يسلكها المسافرون رغم أنها في مناطق تبعد أميال عن جبهات القتال.

ووصف ما تقوم به المليشيا الحوثية بأنه "سلوك دموي إجرامي ممنهج يهدف لإلحاق الضرر بأكبر عدد من المدنيين الأبرياء وتعطيل طاقاتهم وإحالتهم إلى عاجزين وعالة على الآخرين. لافتاً إلى أن هناك حالات كثيرة تعرض فيها مئات المدنيين الأبرياء إلى الإعاقة والتشويه.

وأشار الزبيري، إلى أن هناك آلاف الألغام ما تزال تهدد اليمنيين في الطرقات وفي المزارع والمراعي وفي الصحاري والجبال والوديان وكل شبر ومنطقة وصلت اليها آلة الموت الحوثية.

 

دعم دولي

والغريب في الأمر، وفقاً للحقوقي الزبيري، ليس صمت المنظمات الأممية والدولية، وإنما قيام هذه الجهات بدعم المليشيا الحوثية بمئات الآلاف من الدولارات والسيارات بدعوى مكافحة الألغام وتوعية المجتمع بخطرها. معتبراً ذلك تناقضًا يدعو للسخرية من القائمين عليها.

وطالب الزبيري، المجتمع الدولي بموقف جاد وواضح تجاه كارثة الألغام التي باتت تهدد اليمن أرضاً وإنساناً حاضراً ومستقبلاً.. مطالباً بالضغط على الحوثيين للتوقف عن زراعتها وتسليم الخرائط الخاصة بالألغام المزروعة إن وجدت.

وشدد على ضرورة تجريم جماعة الحوثي لاستمرارها في زراعة الألغام بكثافة وبشكل عشوائي وبطرق ممنهجة لقتل الأبرياء يومياً. لافتاً إلى تزايد عدد الضحايا في أوساط المسافرين وخصوصاً الأطفال والنساء خصوصاً في صحراء الجوف والسواحل الغربية.

وخلال الأسبوع الأول من مارس الحالي (2022) أعلن مشروع "مسام" انتزاع 1.086 لغمًا وعبوة كانت قد زرعتها مليشيا الحوثي في مختلف مناطق اليمن، ومنها 26 لغمًا مضادًا للأفراد، و359 لغمًا مضادًا للدبابات، و683 ذخيرة غير متفجرة، و18 عبوة ناسفة. 

وذكر مسام أن عدد الألغام التي انتزعها منذ بداية عمله منتصف 2018 بلغ 323 ألفًا و875 لغمًا، زرعتها الميليشيا الحوثية عشوائياً في أرجاء اليمن، بهدف حصد أرواح المزيد من الأبرياء، وخصوصاً الأطفال والنساء وكبار السن.