ماذا لو أن أبي لم ينام مع أمي تلك الليلة التي أصبحت فيها نطفة في رحم الوجود، لكان أفضل من أن أوجد في هذا العالم التعيس. كان من الجيد عليهما أن يتشاجرا تلك الليلة كي يضطر أحدهما للمنام في الديوان بدلاً من غرفة النوم. لعل ذلك كان أدعى من أن أوجد في هذا العالم الكئيب.
ماذا لو أن الحيوان المنوي الوحيد الذي تغلب على ملايين الحيوانات لم يكن أنا ما الذي فكرت به لحظة إندفاعي بقوة لأفوز بالبويضة لوحدي فيما الملايين الأخرى أختارت الموت وتبقى في العدم أنا لم أكن الأقوى بل كنت الأغبى من بين ملايين تلك الحيوانات المندفعة من خصية أبي. فأي حمق جعلك تطمع بفرصة الوجود التعيسة هذه لا تصدقوا أن ثمة تدافع للوجود وصراع منذُ البداية، كل ما في الأمر أن واحد من بين تلك الملايين يتصرف بغباء، يقرر الإندفاع لوحده، لكنه ما أن يلتصق بالبويضة حتى يكتشف الفخ الذي وقع فيه. البعض يكتشف اللعبة مبكرًا ويقرر الإنتحار في المهد، والبعض يختار الذهاب الي النهاية ليرى ما سيكون الأمر، وحين يولد يبكي مذعورًا، من الدقيقة الأولى تصبح حياته بكاءا أبديا، لكن بصور أخرى، بكاء يعبر عن نفسه بمشاعر متعددة: الغيظ، الإستياء، التذمر، القهر، الحزن، الحب، الإنفعالات، الجنس، الجنون، وحتى الإنتحار. الوجدان ما هو الا بكاء من نوع آخر.
كان على أحدهما أن يسأل نفسه: هل من الضروري أن نزيد عدد التعساء في العالم رقم واحد؟!. اليس من البطولة أن يخففا عن العالم تعيسا واحدا.؟!
لماذا لا يفكر الأباء بهذه الطريقة قبل أن يمارسوا الحب مع زوجاتهم.؟
يذهب البشر باللذة الي حدودها النهائية دون أن يفكروا للحظة واحد بالعواقب الوجودية لتلك اللذة الجنس ليس خطيئة، الخطيئة الكبرى هي أن تنجب طفلا يحتقر وجوده أن تزيد رقما واحد في عداد التعساء في العالم، أن تزيد رقما واحد في رصيف البطالة، أن تزيد رقما واحد في عدد اللاجئين، أن تزيد رقما واحد في كشف الضحايا وطابور السجناء، أن تزيد رقما واحد في عدد القتلى، أن يولد طفلك دون أن يعني لك شيئا حتى أنك تنسى يوم مولده، أن يحدث ذلك فهي الجناية الكبرى بحق الوجود.!
عندما يولد إنسان لهذا العالم، يجب على الأب أن ترتعد فرائصه ليس هناك لحظة في الوجود أكثر رعباً وإستنفارًا أكثر من هذه الشقاء، والبكاء، التعاسة، والألم، اللذة، الفرح، أنت من يتحمل عواقبه.
أرجوك، إن كنت لا تستطيع ان تعيش أولادك في رفاه فلا تنجب طفلاً، اذا لم تكن قادرا على إنجاب طفل أسعد منك فلا تنجب، أجمل منك فلا تنجب، ولا تمارس الحب إطلاقا. إستخدم واقياً ذكرياً أو مارس العادة السرية. إقذف ماءك في الحمام وأسحب السيفون.