شهدت وتشهد مدينة تعز انتشارا واسعا للمدارس الأهلية بشكل ملفت للنظر ، ما يفتح الباب لتساؤلات كثيرة ، ومع كل بداية عام دراسي جديد، تمتلئ الشوارع باللافتات الإعلانية لتلكم المدارس ، بل يلاحظ أنها باتت لا تخلو منها حارة ، ولا تكاد تمر في شارع إلا وتجد على جانبيه العديد المدارس الخاصة .
رسوم المدارس الخاصة تنافس رسوم الجامعات الأهلية ، يهتم مالكوها بتوفير التجهيزات المدرسية الأساسية ، إضافة لبعض اللمسات الفنية المغرية لأولياء الأمور ، من حيث ديكور الإدارة والرسوم المنقوشة على جدران المدرسة أو الجدران الداخلية للفصول ، بيد أنه باستثناء بعض المدارس الأهلية ذات الإدارة التربوية الكفؤة ، فإنا نجد أن ما تقدمه جزء كبير من المدارس الخاصة من خدمة تعليمية ، لا تتناسب مطلقا مع مقدار ما تأخذه من رسوم دراسية كبيرة ، إذ يقتصر مجمل نشاطها على بعض الأنشطة والفعاليات التربوية الترفيهية ، لا غير وتسوق لنفسها عبر علاقات شخصية للإدارة مع أولياء الأمور ، أو عبر حملة إعلامية ضخمة عبر وسائل الإعلام المختلفة ، ومن خلال تسخير العلاقات العامة لمالكيها مع الوسط المجتمعي والرسمي ؛ لصالح زيادة نسبة الإقبال على تلكم المدارس .
تقع تلكم المدارس تحت رقابة وإشراف مباشر من إدارة التربية والتعليم بالمديريات ، جله ينصب على الجوانب الفنية واللوجستية أو التربوية المتعلقة بأداء الإدارة أو أعضاء هيئة التدريس ، ويتم تجاهل الرقابة والتقييم لعلاقة إدارة المدارس مع الكادر الإشرافي أو التدريسي إذ يشكو الكثير منهم من المزاجية في التعامل معهم ، ومن محاباة إدارة المدارس للطلاب والحرص على بقائهم في المدارس ، ولو كانوا مصدر للإزعاج والفوضى داخل الفصول ، فالغرض هو زيادة عدد الطلاب كمصدر استثماري ، كما يتم التساهل في اتخاذ إجراءات حازمة ؛ تهيئ للمعلمين البيئة التعليمية ، بما يساعدهم على العطاء ؛ خشية أن تؤثر على تسرب الطلاب من المدارس الأمر الذي أفقد المعلم مكاتته وهيبته .
تعرض بعض المعلمين في بعض المدارس الأهلية لمحاولات الاعتداء الجسدي كما حدث العام الماضي لأحد المعلمين في أحد فروع مدارس المنار الأهلية في تعز ، وأخبرني صديق من الكوادر التربوية الكفؤة أنه طلب منه ملء مقعد إداري شاغر في مدارس المنار الأهلية في تعز وعندما قابل إدارة المدرارس ، وقدم لها مقترحات ورؤية لتطويرالمدرسة ، واستلم العمل لثلاثة أيام ، تفاجأ في اليوم الرابع دون سابق إنذار بشخص آخر يداوم في مكتبه ، عندما سألته هل تم إشعارك من قبل إدارة المدارس بهكذا إجراء ؟ رد بالنفي ، وعندما سألته في رأيك ما هي الأسباب التي دفعتهم للتعامل معك بهذا الشكل ؟! المنافي لأدبيات التعامل التربوي ، كان رده أنه لم يشعر أو يخطر من إدارة المدارس بالأسباب ، التي دفعتها لهكذا تصرف ، غير أنه رجح أنه قد يكن تصرف الإدارة ، يعود لحسابات أخرى لا علاقة لها بالتربية والتعليم ، قد تكن إحداها سياسية .
يفترض بالتعليم الأهلي أن يقدم خدمة تعليمية تربوية تسهم في النهضة التعليمية وتساعد على بناء جيل محصن بالعلم والمعرفة وبالقيم الوطنية ولن يتأتى ذلك إلا بخضوع التعليم الأهلي لرقابة وإشراف شامل ودقيق من قبل الجهات التربوية الرسمية يشمل الجوانب الفنية والإدارية والتربوية بما في ذلك خضوع عقود العمل التي تبرمها إدارة المدارس مع العاملين فيها لرقابة مشتركة بين مكتب الشؤون الاجتماعية وإدارات التربية والتعليم .