بعد أيام قليلة تمر الذكرى التاسعة والثلاثون لتأسيس المؤتمر الشعبي العام، حزب تكون كجبهة وطنية واسعة في عام 1982م، خرجت منه تباعًا أحزاب ومكونات، هي نتاج للأجواء الديمقراطية التي سادت بعد قيام دولة الوحدة، أجواء لم تعرفها اليمن من قبل، أضفت على الوحدة مضمونًا متقدمًا، وطابعًا حديثًا، ومنحت الحياة السياسية مزيدًا من حرية التفكير والتعبير وصاغت قيم وقواعد للتعدد السياسي والحزبي.
وككل الأحزاب الحاكمة في الوطن العربي تعرض المؤتمر لهزات عنيفة، لكنه لسعة قاعدته الشعبية وجماهيريته الممتدة على طول وعرض الساحة الوطنية، تمكن من الصمود رغم أحداث ديسمبر 2017م، عندما خاض المؤتمر معركته السياسية والعسكرية وحيدًا مع الحوثيين فَكُسِر، واستشهد مؤسسه الرئيس السابق الزعيم علي عبدالله صالح، وأمينه العام عارف الزوكا، اللذان سقطا شهيدين، وهما يواجهان غدر الحوثيين، وجبروتهم.
انتهت معركة ديسمبر بمزيد من التمزق وتعدد مكونات المؤتمر، وتفرقت أيدي سبأ بقياداته، ففي الداخل يدعم بعضها الحوثيين ويناصرونهم، مع علمهم بطموحاتهم في استعادة دولة الإمامة، ويؤيد بعضه الآخر الشرعية ويناصرها تحت قيادة فخامة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر، في معركة المواجهة مع الحوثيين واستعادة الدولة، والدفاع عن الجمهورية والوحدة.
لم تفلح جهودنا المشتركة بعد في لم شتات المؤتمر، فقد تعددت التوجهات والاستقطابات، وضعفت الإرادات، وتأثرت بخلافات المنطقة، لكن ذلك لا يعفينا ولا يعفي المخلصين من قيادات المؤتمر وقواعده من الاستمرار في المحاولة، والمضي في الحوار، فما يجمع الغالبية من قيادات المؤتمر أكثر مما يفرقها، طالما ولازال الميثاق الوطني هو منهجنا، ومرجعيتنا الوطنية والحزبية.
وحدة الموقف والقيادة إزاء القضايا المصيرية مهمة لوحدة المؤتمر حاضرًا ومستقبلًا، وواجب يدعونا الوطن لأدائه وفعله، وطن مُدمى، وممزق، يعيش حربًا دون أفق، وتحيط به الأخطار وتداهمه الخطوب من كل حدب وصوب. وشعب يعيش حالة من القهر وصنوف الاضطهاد والمجاعة، ينشد السلام والاستقرار لكن المليشيات لا تمنحه فرصة لالتقاط الأنفاس، ويبدو أن المجتمع الدولي لم يقرر بعد وضع حد ونهاية لهذه المأساة.
وحدة المؤتمر واجب تتحمله القيادات والقواعد المؤتمرية معًا، وللقيام بهذه المهمة ينبغي على من يسعى إليها أن يتجرد من كل قيد وكل مصلحة لا تتطابق تمامًا ومصالح الوطن العليا في هزيمة الحوثيين واستعادة الدولة، والحفاظ على اليمن جمهوري وموحد في دولة اتحادية. وذلك لا يتم دون الاعتراف بالشرعية، ودعم التحالف بقيادة المملكة، وما اختلفنا عليه بعد ذلك مما يمكن التوافق عليه.
رئيس مجلس الشورى
نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام.