قبل أيام، وبعد لقائي بقيادات من حزب الإصلاح أيقنت أن كل ما يتمنى الآخرون سماعه من الاصلاح وقياداته، يقال حقيقة وعن قناعة تلمسها من ملامح تلك القيادات، وينقص أن يسمع الناس هذا البوح الشجاع في العلن وليس في اللقاءات المغلقة، وذلك لكي يثقوا أن هذا الحزب الكبير يتعافى ويحاسب نفسه ويدرس أخطاءه.. أي بمعنى أنه يمتلك قابلية الاستمرار والتعاون الصادق مع بقية الفئات لخدمة اليمن.
أبرز جملة علقت في ذهني من ذلك اللقاء قولُ قيادي في الحزب: نعم لقد اقترف الإصلاح العديد من الأخطاء ولا عزاء له إلا أن تلك الأخطاء كانت جميعها بحسن نية تجاه البلد وليس بهدف التخريب والإرباك، ولا بدافع التآمر.
المتابع المنصف سوف تستوقفه العبارة السابقة كثيرا لأنها على قدر كبير من الصحة من وجهة نظري كمتابع لتحولات الحزب منذ تأسيسه في ١٣ سبتمبر قبل ٣١ عاما وحتى اليوم.
ولأنني أزعم معرفة دقيقة بالاصلاح ومتاحاته وشخوصه فقد سررت كثيرا حين علمت أن الحزب كلف الأستاذ البرلماني الشاب عبدالرزاق الهجري بمهام أمين عام الحزب. ومنبع السرور جانبان: الأول أن عجلة التشبيب وضخ الدماء الجديدة، بدأت تدور. والثاني أن اختيار الهجري كان موفقا ويدل على أن الحزب يعي وزن كل واحد من كوادره، وأنه حريص على يذيب الجليد القائم بينه وقوى وطنية على رأسها المؤتمر الشعبي العام.
نعم لقد تحركت عجلة التشبيب داخل حزب الإصلاح وننتظر اليوم الذي يصل فيه شباب الحزب أمثال الهجري، إلى مواقع القيادة في الهيئة العليا، ومهم أن يتزامن هذا التشبيب مع إطلاق الصلاحيات للقادة الشباب وعدم تقييدهم بحسابات الجيل الذي فوّت على نفسه الكثير بسبب سياسة الانطواء على النفس وكبح مبادرات الأفراد، بحسن نية غالبا.
يمتلك التجمع اليمني للإصلاح طاقات وجاهزيات هائلة لكنها مكبّلة، وإذا أتيح لها المجال فإن هذه الطاقات ستتحول إلى تروس سياسية سلسة في ماكنة وطنية لا تعرف التوقف ولا العطل.
في المقابل لابد أن يكون التشبيب مبنيّاً على نوع من التثمين لأدوار الجيل المؤسس الذي كانت له ظروفه وتحدياته وفقاً لظروف الزمان والمكان، والتثمين هنا مهم حتى يتم البناء على نقاط الإيجاب، وليس البدء من الصفر، وبحيث يحافظ البناء التنظيمي للحزب على حالة من الاحترام بين أجياله ومستوياته، أما المنطق الثوري القائم على اقتران صعود الجديد بإدانة القديم ونسفه من الجذور فهو أسلوب أثبت فشله وإن توفر له بعض المشجعين، ويكفي للتدليل على ذلك المآل الشمشوني الذي وصلت إليه البلاد بسبب منطق "النكريان البات" الذي قوبل به الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح، رحمه الله، أثناء وبعد المطالبة بتنحّيه.
بإمكان الإصلاح أن يواصل المضي بمنطلقات وطنية يندمج خلالها أكثر بالهم الوطني ويتحلل من تبعات الحسبان على شجرة الإخوان التي تترصدها العديد من الفؤوس في أكثر من بلد، ولاشك أن وقتا طويلا سيمضي قبل أن يتأكد خصوم الحزب ومنافسوه أن له خصوصية حقيقية تنامت مع مرور الأيام، ثم إن المحك الراهن "فرن" كافٍ لصهر وصقل أية قوى تريد إثبات انتمائها لتربة اليمن.
وختاماً من المهم أن يضع الإصلاحيون نصب أعينهم أن الوطن جريح ومحتاج لكل أبنائه ومكوناته، وهم في الطليعة.. عليهم أن يبذلوا الكثير، وبقلب صادق وحنون، لهذا الشعب بكل فئاته ومناطقه، وألا تظل منافع الإصلاح مقصورة على "شعب الاصلاح" أي على دائرة أعضائه ومحبيه.
وفقكم الله.. ويقيناً أن المولى عز وجل سيوفّق كل مكوّن وطني يُجابِه الجائحة الإمامية بصدق وإخلاص ويمعن في دراستها ويبذل قصارى جهده في مواجهتها، وأظن الإصلاح كذلك.
#ذكرى_الاصلاح_الوطن_يجمعنا