سبع سنوات مضت والحرب تحصد الأخضر واليابس وتدمر مقومات المستقبل ولم يخرج علينا رجل رشيد ، لم يعد هناك رجال ينتصرون لهذا الوطن ، جميعهم تحالفوا على الوطن إما بالفعل أو بالصمت ، والصمت هنا ليس من ذهب ، بل خيانة ممزوجة بالجبن والخوف ، تحول الجميع إلى سماسرة يبحثون عن مصالحهم ، وآخر ما يفكرون به أو يتذكرونه هو الوطن المكسور والمذبوح ، جميع الأوطان تضم شعوبها بعد الموت ، إلا الشعب اليمني يضم وطنه ميتا بعد أن اغتالته المليشيات العنصرية والمناطقية ، يحملون جوازات سفر باسمه وينتمون لغيره .
فقدت الحياة في اليمن قيمتها وفقد اليمني هويته ، وأصبحت العمالة فخرا والخيانة نصرا ، وأصبح القتلة والمجرمون واللصوص متحكمين بالوطن وفرضوا العنصرية والمناطقية هوية واغتالوا الهوية الوطنية التي ناضل من أجلها ثوار سبتمبر وأكتوبر ، وأصبحت العمالة شعار المرحلة ، يلبسون شعار الدول الأخرى في بزاتهم العسكرية يتفاخرون بعبوديتهم ويفخرون ببيع شرفهم ببضع دولارات وجعلوا دماء اليمنيين أرخص من مياه الصرف الصحي .
تحالف بالأمس ثوار سبتمبر وأكتوبر ليسقطوا الإمامة الكهنوتية في الشمال والاحتلال في الجنوب ، واليوم يتحالف الحوثي الإمامي مع الانتقالي لإعادة الإمامة والاحتلال ، احتل الحوثي صنعاء واحتل الانتقالي عدن وأغلقها بعد أن كانت مفتوحة تقبل الآخر وتحتضنه ، لقد حملت عدن هذا المبدأ شعارا أخلاقيا طيلة تاريخها ، لم يحدث قط في تاريخ هذه المدينة المفتوحة على البحر أن رفضت قادما لاجئا أو عاملا أو مستثمرا ، لكنها اليوم تعاني من عنصرية مفضوحة لمليشيات تتربع على عرش العمالة لبلد عمره التاريخي لا يتجاوز آخر حفاظة لبسها أصغر قيادي في الانتقالي .
اسألوهم ماذا فعلوا لعدن ، أين الكهرباء وأين الماء وأين الأمن ؟ لماذا يمارسون القتل والاعتقالات والإخفاء ، ولماذا يغتالون الشجعان ويقمعون الحريات ، ولماذا يرتفع الدولار وتنخفض الكرامة ويرخص سعر الإنسان ؟ كل ما يستطيع فعله الانتقالي ، هو تكريس الخطاب المناطقي وتكريس الفرقة بين أبناء الشعب اليمني والتنكر لليمن والتحريض على ممارسة العنف والكراهية ضد من يتمسك بهويته اليمنية ، لا يملك مشروع دولة ، وكل ما يستطيع فعله هو الفوضى .
أما في صنعاء فالمواطن يواجه هزائم يومية في مواجهة همومه الحياتية ، يضربون المعلم أكثر مما يطعمونه والشباب أفقدوهم القدرة على أن يذهبوا بأحلامهم بعيدا ، فدفعوا بهم إلى جبهات القتال ، لأنهم يريدون مستقبلا بدون شباب ، أغلقوا كل الأبواب في وجوههم وصادروا منهم حقهم في الحياة وأبدلوهم الموت ، وأضحى الأبطال في القبور واللصوص والعملاء في القصور ومليشيات تمتد من الشمال إلى الجنوب على جثث الناس يرقصون ، ونوابا لا يجتمعون ومجلس شورى لا يستشارون ووزراء لا يتغيرون ، وسفراء لصالح المليشيات يشتغلون .
وبالرغم من كل ما سبق ، فإنه لا يلوح في الأفق أن هناك تغيير سيكون
فكل الذين كانوا بالأمس في السلطة أعزاء ، أصبحوا في المنفى أذلاء
يحرسون ملياراتهم التي اقتطعوها من عرق الشعب اليمني ، وارتضوا بالمنفى وطنا لهم ، لا يتشبثون بشيء قدر تشبثهم بذلهم ، ولو أنفقوا على تشكيل جبهة وطنية لإنقاذ اليمن خمس ما يأخذه الحوثي من أموالهم لحرروا اليمن في بضعة شهور ، المواطن الغلبان يكافح من أجل أن يتشبث بهويته ، بينما هؤلاء يتشبثون بالصمت خوفا على ما تبقى لهم من ممتلكات تحت سيطرة الحوثي ، فهل آن لمن ينتظر من هؤلاء أن يحرروا الوطن ، أن يبحث له عن محررين آخرين من بين صفوفه لم تذلهم الأموال بعد ولم يجبنوا عن قول الحق ؟