شكلت معركة ستالينغراد بداية النهاية للقوات الغازية ، فقد تحولت المدينة أيام المعركة إلى بحر من النيران وانصهر الحديد والحجر وبقي الناس والجنود صامدين ، وبقي العالم بأجمعه يراقب هذه المعركة التي لم يشهد التاريخ مثيلا لها إلا معركة مأرب التي تجاوزت في صمودها الفترة الزمنية التي صمدت فيها لينجراد والتي استمرت 900 يوم ، مما جعل الصحافة العالمية توصفها ، بأنها قلعة محاطة بطوق من الفولاذ ، وهي في الحقيقة لم تكن مدينة محصنة مطلقا ، لكنها تحولت إلى قلعة بفضل بطولة أهلها المدافعين عنها ، وكان انتصارها العظيم على العدو نقطة التحول الرئيسية في الحرب العالمية الثانية ، وكان ذلك بداية أفول الفاشية الهتلرية .
تسابق عصابة الحوثي الإرهابية الزمن لإسقاط مأرب ، مثلما كانت تفعل قوات هتلر وهي تطوق مدينة لينجراد ، وتريد حسم المعركة في مأرب ذات الأهمية السياسية والاستراتيجية الكبرى ، ذلك أنه بسقوطها تتمكن هذه العصابة العنصرية من عزل جنوب البلاد عن شمالها .
وعلى الرغم من الانتصارات التي تحققها مأرب إلا أن العدو يصر على خوض المعركة بسبب عدم وجود جبهة ثانية تشغله وتشتت تركيزه ، فجميع الجبهات متوقفة بطول اليمن وعرضها ، مما يجعلنا أمام أسئلة عديدة ، لماذا عصابة الحوثي الإرهابية هي التي تحدد مكان وزمان المعركة ؟ ولماذا تتوقف جميع الجبهات وتلتزم الحياد في معركة مأرب .
وأنا لا أضيف جديدا إذا قلت إن مأرب تخوض حربا وطنية عظمى وتصطدم مأرب اصطداما مروعا بين الجمهورية والملكية ، إنها معركة شعبية عامة ضد عدو طبقي عنصري شرير اعتدى على أقدس مقدسات الشعب اليمني وهي منجزات ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ، ومما لا شك فيه فإن مأرب ستنتصر لأنها تخوض معركة إرادة الحياة على نوازع الموت والخراب .
لقد اختارت مأرب أن ترد على العدو العنصري الذي ينشر الدمار في طريقه الدموي بالتصدي له وكسر شوكته ، واعتبر كل مقاتل في مأرب أن حياته ملكا للوطن ، وأن الوطن يتطلب من كل فرد أقصى ما يقدر عليه من صلابة ورجولة وبطولة ، فكانوا جميعهم جيشا ومقاومة رجالا وأطفالا ونساء سدا منيعا في طريق العنصرية وفي طريق قطعانها من أعداء الحياة وأعداء الحرية .
لقد نكلت مأرب بقواد العنصرية واستنزفت قدراتها ، فحاول أصدقاؤها تسليمها الحديدة ، مثلما سلموها قبل ذلك البيضاء وبعضا من شبوة لرفع معنوياتها ومعنويات قطعانها الذين يتحطمون كل يوم على صخرة الدفاع الصلب الرجولي ، البطولي لمأرب بجيشها ومقاومة أهلها ، وما إعلان هذه العصابة عن مقتل أكثر من 14000 إلا دليلا على أنها لا تعمل حسابا لهؤلاء القطعان الذين تزج بهم في معركة خاسرة .
ستظل مأرب مدرسة عظمى لتدريب الشعب اليمني على انتزاع النصر برغم كل الحشود التي حشدتها هذه العصابة العنصرية على مأرب والتي فشلت من خلالها على تحطيم إرادة مأرب وسكانها وإجبارها على الانحناء ، لقد جعلت مأرب طريق هذه العصابة مفروش بالجثث والموت يحلق بها من كل جانب ، ينتزع من صفوفها حزما من القتلى بفضل الصمود الاسطوري لمأرب وأهلها ، ومن أراد أن يشتري حياته فليفر من صفوف هذه العصابة قبل أن يتخطفه الموت بأيدي الأبطال .
أعرف أن هناك من ينظر إلى المعركة من زاوية الشرعية ، فالبعض جعل من سب وشتم قيادات الشرعية هدفا وجوديا له ، وليس لنا أن نناقش أي إنسان في مشاعره أو اختياراته ، شأنه في ذلك شأن من يحاول تقديس هذه القيادات ، لكن ما يهمنا في كل ذلك أن يفعلوا كل ذلك بعيدا عن خذل مأرب وتصويرهم كابوس الهزيمة أو تصويرهم للدعم غير الموجود ، فنحن قد تجاوزنا كل ذلك في مأرب التي تأبى الهزيمة وترفض وهم الداعمين كذبا واعتمدت على رجالها وأبطالها ليجعلوا الحرب في مأرب حربا وطنية عظمى