سأناقش اليوم إنجازات تحالف دعم الشرعية من واقع إنجازاته على الأرض منذ أن شرع في الحرب لدعم الشرعية زاعما مواجهة إيران في اليمن وإنهاء إنقلاب الحوثي ، ومنذ الضربة الأولى سيطر على سماء اليمن وبرها وبحرها وأصبح هو المتسيد على مداخل اليمن ومخارجها واستتبع ذلك بالسيطرة على قرارها والمتحدث الرسمي باسمها ، وأصبح سفير السعودية هو الذي يستقبل السفراء لدى اليمن ويودعهم وهو الذي يتحكم بمليارات الدولارات باسم إعمار اليمن ويحولها إلى حسابه الخاص .
أولا ، علينا أن نتفق أننا مع إسقاط انقلاب مليشيا الحوثي التي انقلبت على شرعية اليمنيين والتحقت بالقرار الإيراني وجعلت اليمن في خدمة إيران ، وبالمقابل علينا أن نرفض أي جماعة أو مليشيا أو فرد يجعلون اليمن في خدمة بلد آخر أو يعملون لصالح هذا البلد أو ذاك ، فالسيادة الوطنية ليست مرتبطة بالمحور الإيراني دون غيره من المحاور .
ثانيا ، علينا أن ننظر إلى إنجازات تحالف دعم الشرعية ونقصد به السعودية والإمارات ، لنرى هل كان في دعم الشرعية ، أم في دعم تقسيمها وتفتيتها بين مختلف المكونات اليمنية من غير الشرعية وعلى حساب الشرعية ذاتها التي أصر التحالف ومازال يصر على تغيبها من الفضاء العام وتحقيق مصالحه الخاصة .
أصر التحالف على إدارة المعركة في المناطق الجنوبية وحينما تحررت هذه المناطق سارع في تسليمها إلى المليشيات التي حرص على بنائها خارج سياق الشرعية ومنع مؤسسات الدولة من استعادة نشاطها ، بل وفي سابقة لم يسبقه إليها أحد منع الرئيس من النزول في مطار عدن ، تلا ذلك طرد الحكومة من عدن ذاتها كعاصمة مؤقتة ودفع بانقلاب آخر على الشرعية ، يضاف إلى انقلاب الحوثي في صنعاء ، وشرعن له باتفاق الريض .
لم يكتف التحالف في دعم الانقلاب على الشرعية في عدن ، بل ذهب إلى احتلال جزيرة سقطرى وميون ومطار الغيضة والمكلا ومنشأة بلحاف الغازية وتحويل كل تلك المناطق إلى قواعد عسكرية له ، ولا توجد أي علاقة بين تلك القواعد وبين استعادة العاصمة صنعاء وإعادة الشرعية إليها ، ولم يكتف بذلك ، بل ارتكب مجازر في حق الجيش الذي يقاتل باسم الشرعية وتحت رايتها ، مثل مجزرة معسكر ٢٣ ميكا بمنطقة العبر في حضرموت ومحرقة نقطة العلم دون أن يتم التحقيق في أي منهما حتى هذه اللحظة ، وهناك آلاف الضربات التي قتلت من الجيش والمقاومة تحت مبرر الخطأ ، والغريب في الأمر أن ضربات الخطأ تصيب الشرعية وضربات الصواب تخطئ الحوثيين .
أما على الأرض فقد حرص التحالف على إغلاق جميع الجبهات وفتحها بما يتناسب مع رغبته في التحكم بقتل أكبر عدد ممكن من اليمنيين بطريقة تنم عن مخطط يسعى إلى إفراغ اليمن من سكانها بعد أن تم تفريغها من الدولة ومؤسساتها والتحكم بمصيرها ، يؤكد ذلك إغلاق الجبهات أو التحكم بالانسحابات وشل حركة الجيش والمقاومة بحرمانهم من السلاح الكافي والنوعي لإدارة المعركة مع الحوثي .
وليس أدل على ذلك مما حصل في الجوف وفي نهم والبيضاء وحجور ومؤخرا في الحديدة التي سلمت للحوثي تحت حجة إعادة انتشار تموضع القوات العسكرية للتحالف والقوات اليمنية التي أسماها التحالف بالتابعة للشرعية ، بينما هي في الحقيقة ليست جزءا من الشرعية وإنما جزء من الانقسامات الأفقية والعمودية من غير الشرعية ، كان مبرر التحالف أن الحوثيين انتهكوا اتفاق ستوكهولم بأكثر من ٣٠ ألف انتهاك ، وهذا عذر أقبح من الذنب ، لأن انتهاك واحد فقط يحتم على التحالف المضي في تحرير الحديدة .
ترك التحالف ميناء الحديدة وراح يحرر جمرك مقبنة وياليته حرره ، لكنه توقف عن تحريره وأسكت عملية القوس الذهبي ، ليسكت بعدها عملية حرية اليمن السعيد التي أعادت إلى الأذهان عاصفة الحزم ومن بعدها إعادة الأمل ومع كل تسمية يقود التحالف اليمن من متاهة إلى أخرى ومن مؤتمر إلى آخر وبالأمس دعى إلى مشاورات بين اليمنيين اعتقدنا أنها صحوة متأخرة لحسم المعركة بعد أن أصبحت صواريخ الحوثي وطيرانه المسير تدك منشآت السعودية ، لكن اتضح أن هذه المشاورات بداية جديدة للعبة قديمة بدأت مع بداية عاصفة الحزم .
هذا غيض من فيض والدلائل على الأرض تؤكد أن تحالف دعم الشرعية لم يكن في الأساس لدعمها بل لضربها وأنا هنا أتكلم عن شرعية المؤسسات وليست شرعية الأفراد الملوثين بالفساد والذين اقتسموا هذه اللوثة مع آل جابر الذي يعمل لصالح الوجود الإيراني ولتقوية الحوثيين ، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، فجميع ممارساته تؤدي إلى ذلك .
ومع كل ما سردناه فإننا سنقابل بنباح الحثالة التي صنعها آل جابر أو المزروعي ، تلك الحثالة التي قبلت بانتهاك وطنها والتي فقدت الغيرة والنخوة وأصبحت لا ترى نفسها في مرآة العار ، بل حجزت مقاعدها أمامها ، حثالة لا ترى العمالة إلا في الآخرين ولا تراها في نفسها ، حثالة تطبل لانتصارات وهمية منذ سبع سنوات ، حثالة باعت نفسها براتب شهري كل دورها أن تنبح في وجوه الذين يرفضون المساومة على وطنهم ، هذه الحثالة لم يعد هناك دم يجري في عروقها ولم يتبق فيها سوى ترسبات خيانة .
هذه الحثالة صنع لها آل جابر والمزروعي منصات ومنابر إعلامية ومجموعات واتس اب مهنتها أن تجعل من يكشف زيف التحالف جواز عبور لارتزاقها وهدفا لنذالتها وجعلت القيم الوطنية قيما منبوذة ، تستدعي العداوة والبغضاء ، وهكذا أصبح كل من يحاول إرشاد الناس إلى الالتفاف حول وطنهم هدفا لهذه الحثالة من الموالين لإيران والمنبطحين للسعودية والإمارات ، وهؤلاء تحرقهم أسئلة : ماهي الأسباب التي أدت إلى إطالة الحرب ، ولماذا مزقت الشرعية إلى فصائل متناحرة ، ولماذا طردت الشرعية من عدن ، مثلما تحرق الشيطان اللعنات .