في الثاني والعشرين من مايو ١٩٩٠، احتبست الدموع في عيون الكثير من الناس وهم يرون علم الجمهورية اليمنية يرفرف في سماء عدن،إذ باتوا شهودا على هذه العملية التاريخية التي لم يتوقعها اليمنيون أو مواطنوا الدول العربية،ففي هذا اليوم اندمجت جمهورية اليمن الديمقراطية في الجمهورية العربية اليمنية وعاد اليمنيون إلى العيش سوية في دولة واحدة .
كانت أمنية الوحدة اليمنية تقابل بالتشكيك في بعض العواصم الخليجية، فقد فتحت السعودية جبهة مفتوحة ضد الوحدة ولولا غفوة من التاريخ دفعت القيادات اليمنية إلى الإسراع بإعلان الوحدة، فقد كان العالم منشغل بدخول العراق الكويت، مما جعل تقارب القيادات اليمنية ممكنا، كما أن دعم العراق ومصر والأردن للوحدة جعلها تكسب أهم الشركاء العرب،لما تحققت .
لم تدرك دول الخليج أن الوحدة اليمنية تعني أيضا الوحدة العربية وإعادة توحيد اليمن يعني التغلب على الانشقاق العربي، صحيح أن مخاوف الخليجيين الذين عايشوا مشاغبات الأنظمة الفتية في اليمن والتي رفعت القومية والأممية نهجا لها مغايرا لنهج الأنظمة في دول الخليج، لكن كان المفروض أن يميزوا بين الشعارات وبين ما تحقق على أرض الواقع، فاليمن قبل الوحدة وبعدها لم تضمر نوايا سيئة، بل إن الوحدة أسقطت المطالبة بإعادة الأراضي التي ضمتها السعودية ولم تشكل مصدرا للخوف بالنسبة لجيرانها، ومع ذلك دفعت اثنين مليار دولار لعلي سالم البيض كي يعود اليمن إلى الانفصال مرة أخرى عام ٩٤.
وللأسف مازالت هذه الرؤية الخاطئة تسيطر على حكام السعودية والإمارات، وهم اليوم يبنون المليشيات وييسلحونها وينفقون الأموال عليها وقد سارعت السعودية والإمارات إلى تبني العناصر التي تبنتها ودربتها إيران وحزب الله في الضاحية الجنوبية، لتؤكد قيادة البلدين أن هدفهما ليس تصفية الوجود الإيراني في اليمن، بل تصفية الوحدة اليمنية .
تواجه الوحدة اليوم عدوين أحدهما طائفي في صنعاء والآخر مناطقي في عدن يجمع بينهما كتلة الحقد والكراهية لهذه الوحدة التي رضعوها من ثدي واحد في الضاحية الجنوبية واستلقيا في حضانة واحدة هي حضانة السعودية والإمارات اللتان زعمتا دعم الشرعية ومواجهة الحوثيين، فلم تدعم الشرعية ولم تواجه الحوثيين .
ونحن اليوم على مشارف العيد ال٣٢ للوحدة الوطنية نجد أن جيلا كاملا لا يعرف التشطير إلا من خلال دروس التاريخ، أما الأجيال التي عاشت أيام التشطير تدرك ماذا تعني العودة إلى التشطير وماذا يعني أن تعود اليمن إلى العبث بها مجددا من قبل دول الخليج، وقليلون من اليمنيين من الذين رضعوا الكراهية كما قلنا في الضاحية الجنوبية هم الذين يريدون تبديد نعيم الحياة بقوة السلاح وبدعم من السعودية والإمارات، لتصبح اليمن ضمن الدائرة الإيرانية وبدعم خليجي وأدوات يمنية .