شكل التمييز ضد النساء عائقا أساسيا لتحقيق المساواة بين الجنسين، هذا التمييز الذي يتجذر ويعاد إنتاجه من خلال العنف الجندري هو من أكثر اشكال التمييز ضد النساء انتشارا، لذا عملت الأمم المتحدة من خلال الشرعة الدولية لحقوق الإنسان على تأكيد مبدأ المساواة وحق كل إنسان في التمتع بالحقوق والحريات دون تمييز بما في ذلك التمييز على أساس الجنس، كما عملت على ترجمة هذا المبدأ من خلال عدد من الاتفاقيات الخاصة بقضايا النساء ومنها اتفاقية سيداو.
وحاولت الأمم المتحدة من خلال هذه الاتفاقية، مقاربة الحقوق مع تطور مفاهيم حقوق النساء من مفهوم المساواة بين الجنسين الى مفهوم إلغاء التمييز ضد المرأة وصولاً لمناهضة العنف المسلط على النساء.
وبالرغم من هذه الاتفاقية الا أن حقوق المرأة في اليمن لا تزال عرضة للكثير من الانتهاكات والعنف والتمييز وفي شتى المجالات ومنها المشاركة السياسية حيث يتم إقصاؤها بشكل كبير في هذا المجال تحديدا، ويجهل من يقوم بهذا الدور بأن مشاركتها في السياسة مسألة حيوية وليس وجاهة سياسية وكذلك ضرورية من أجل تحسين أوضاع ملايين من النساء اللواتي يعانين من التفاوت واللا مساواة، وأن النجاح في وضع خريطة لتحفيز المشاركة السياسة للنساء شرطا ضروريا لحدوث تحول حقيقي في المجتمع من ناحية المساواة بين الجنسين.
ويقتضي هذا التحول في أن تتقابل محركات التغيير التي تقوم بها النساء من أجل حركة تراكمية دافعة نحو هذا التحول قادرة على استدامته وتوطيده على المدى البعيد، وتحديد المتغيرات الأكثر أهمية في التمكين السياسي للنساء، ومعرفة التحديات سواء كان مصدرها من مؤسسات الدولة أو من ثقافة المجتمع، والنقد الذاتي للتجارب السابقة واستخلاص الدروس والعبر.
ويبدو أن هذه الحركة تقابلت في شكل تحالف للمنظمات غير الحكومية اليمنية، حيث رصد هذا التحالف التحديات التي تواجه النساء للوصول الى مراكز صنع القرار في تقرير الظل الذي أعده حول مستوى تنفيذ اتفاقية السيداو في اليمن المقدم للدورة (8) للجنة السيداو، وكانت أبرز هذه التحديات بأنه لا يوجد أي تمثيل للنساء في مجلس النواب حاليا كما يصل تمثيل النساء في المجالس المحلية اقل من نسبة (1% )، وفي مجلس الشورى لا توجد سوى امرأتين فقط أما في اللجنة العليا للانتخابات فقد تم في البداية تعيين قاضية وأحدة لكن ضغط المنظمات النسوية أدى إلى تعيين عضوة أخرى، وفي جميع التشكيلات الحكومية تراوح تعيين النساء من صفر إلى ثلاث وزيرات فقط، وتتعرض المرشحات للعنف ولحملات شرسة لا أخلاقية.
كما أشار تقرير الظل إلى آليات معاجلة لهذه التحديات من خلال عدد من التوصيات ضمنت فيه والتي تحفز من المشاركة السياسية للمرأة في اليمن ومنها، اعتماد مبدأ الكوتا بنسبة لا تقل عن (30%) في النظام الانتخابي ومجلس الشورى واللجنة الانتخابية التزاما بمخرجات الحوار الوطني، كذلك في قوانين الأحزاب والتنظيمات السياسية وتبني النظام التمثيلي في قانون الانتخابات
كذلك اتخاذ الإجراءات القانونية لتمكين النساء من ممارسة حقوقهن السياسية والمشاركة في الحياة العامة وبناء قدرات وتأهيل النساء القيادات المنخرطات في العمل السياسي، والتصدي للعنف القائم على التمييز المعيق لمشاركة النساء في الحياة السياسية.
وتبقى هذه التوصيات والإجراءات المنصوص عليها سواء قانونيا أو دستوريا أو عرفيا والتي تهدف إلى وجود تمثيل حقيقي للنساء في كل مرافق الدولة. ليست كهدف بحد ذاته بقدر ما هي وسيلة من أجل إتاحة الفرصة للمرأة لتولي مراكز القرار وتحسين صورة أدائها وتغيير الصورة النمطية المترسخة والمسيطرة على البنية الاجتماعية عن طريق إبراز قدراتها في تولي المناصب القيادية مثلها مثل الرجل