كلما فرحنا وهللنا ببوادر انفراجة نكتشف انها ماستعحلنا به ريح فيها عذاب أليم ، تدمر كل شيء بسبب باطلنا وما كسبته ايدينا ، اتفاق بعد اتفاق ومبادرة بعد مبادرة ، وصلح بعد صلح وكل ذلك ظلمات بعضها فوق بعض.
لم نستفد من مئآسينا ، ولم نحاول تجنب طرق الزلل التي نسلكها وتردينا ، ولكنا مصرون ومكابرون على إجرامنا في حق انفسنا وفي حق بلادنا.
نشكوا للآخرين ونحن اساس البلاء ومصدر الظلم والظلمات التي نعيشها.
انا هنا لا اتحدث عن الانقلاب الحوثي ومليشياته العنصرية فهذه المليشيات الحديث عنها نوع من العبث لانها مصدر كل خطيئة وأساس كل ردية ومنبع كل جريمة وهي أم الخبائث ، ولكن حديثي ينصب على من يدعون عدائها وانهم يريدون إنصاف الشعب منها وهم بكل تصرفاتهم يخدمونها مجانا شاؤوا أم ابوا .
لن اتحدث عن صنعاء والمدن التي يسيطر الحوثي عليها فهذه المناطق معاناتها اكبر من ان يتحدث عنها المرء بمقال او يعبر عنها بكلمات فقد استباحت هذه العصابة كل شيء واستحلت كل المحرمات من مال وعرض ونفس ، واساءت للأحياء والأموات منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم الى يومنا هذا فلم يسلم منهم السابقون الاولون ولا الوطنيون الآخرون! فما عسانا نقول عنهم بعد ذلك كله!
ولكنا كنا نؤمل ان نبنى نموذجا في المناطق المحررة يحتذى به ، وسلوكا حميدا يحفز الذين تحت سيطرة المليشيات الحوثية لينتفضوا عليها ونكون لهم السند في انتفاضتهم ، ونعد الجيش الموحد الذي يعمل على تخليص الوطن من هذا السرطان الخبيث!
لكنا وجدنا انفسنا في حال لا نستطيع معه ان نقول لاخواننا المضطهدين من قبل الحوثي ثوروا عليه والحقوابنا ونحن عون لكم ، لاننا اسأنا التصرف وتسابقنا للفيد كل طرف يهم نفسه وعصابته والوطن مغيب وغير حاضر في ضميره!
تعز تسع سنوات محاصرة منفذها الوحيد عبر طرق الموت من يمر فيها يكتب وصيته قبل ذلك ،، وتعيش في ظلام دامس دون امل ان تنور بنور الكهرباء الحكومية ولو لساعة لتشعر انها ضمن اهتمام الحكومة ، والعبث فيها مستمر والقنص الحوثي للنساء والاطفال لا ينقطع ، ولا احد من كبار المسئولين كلف نفسه لزيارتنا منذ تسع سنوات وحتى الآن وبقت قطاع منفصل.
عدن العاصمة المؤقتة التي كان يفترض ان تكون نموذجا يحتذى وكان يفترض ان يتسابق اليها المستثمرون ورأس المال اليمني والإقليمي حرمت من ذلك كله بفعل المحبين لها (ومن الحب ما قتل ) فصبحت تشكو الظلام والفقر والمرض ويصعب حالها على العدو قبل الصديق ، والكل يدعي حبها زورا وبهتناً ، وابنائها مظلومون ومحرومون من اي انفراجة ليعيشوا مثل بقية البشر .
بقية المحافظات الحديث عنها محرم ، ماعدا حضرموت ومأرب فإن حالهما اقل ضررا من أخواتهما ، ولكن ذلك لن يستمر لهما إذا بقى الحال على ما نحن عليه ولم تعالج الأمور بصورة جماعية لكل الارض اليمنية.
الجيش وما ادراك مالجيش ! رغم التضحيات التي يقدمها والبطولات التي يسطرها إلا ان ذلك لا يكفي والامر بيد القيادات العليا التي مراراً تتفق لدمج كل ألوية الجيش وقطاعاته وتوحيد قيادته وقراراته ، وتمر الايام والشهور والسنين وتزداد الفجوات ويصبح توحيده حلم بعيد المنال.
المؤسسات كلما قلنا ستعود إلى الداخل صنعت امامها العقبات واذا عاد إلى الداخل بعضها تكون عودتها صورية وتحت الاقامة الجبرية لا حول لها ولا قوة ، نغالط انفسنا بذلك رغم علمنا اننا في وهم كبير وحال مزر ومرير.
باختصار أزمتنا ازمة ضمير ، وحتى تصحوا ضمائرنا ونتحرر من أنكون ادوات بيد غيرنا سنبقى نتخبط وننحدر من سيء الى اسوء.
والخلاص سهل ويسير إذا سلكنا طريقة ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
ولا نترك الرئيس الدكتور العليمي بمفرده ونجيد النقد فقط ، ولكن ليس لدينا مجال إلا ان نلتف حوله ونسنده وبالمقابل نطالبه ان يقوم بواجبه على أكمل وجه وهذا ليس مدحا له ولا تطبيلا فنحن لسنا من المطبلين ولكن كما قلت لأنه هو العنوان حاليا لرمز الدولة فعلينا ان نقوم بواجب الدعم له وعليه ان يقوم بواجب الحفاظ على الدولة واستعادة روحها ، ونقول له مسئوليتك بالدرجة الأولى اصلاح ما افسده الساسة ولا عذر لك ونحن معك ، ولا فضل لأحد منا على الآخر.
اللهم الهمنا رشدنا.