عبر مسيرة طويلة من الخراب والدمار التي بدأت بنشوة الربيع والزحف وإسقاط النظام وثورة المؤسسات والهجوم على المكاتب الحكومية والمعسكرات ومروراً بحوار موفمبيك الذي تشعب في مجالات وقضايا لا داعي لها في الحوار وأبحر في عالم من المسائل الشائكة التي اوصلت الجميع إلى الخلاف والاختلاف والاحتراب ووصولاً إلى الوصاية الدولية وإسقاط سيادة الدولة والخوض في حرب عبثية دمرت الوطن والمواطن ومؤسساتهما العسكرية والاقتصادية والتنموية وغيرها من المؤسسات الحكومية.
وخلال هذه الرحلة الطويلة المليئة بالهموم والاتعاب والمخاطر والتضحيات تراكمت العديد من الكوارث والمشاكل والمآسي التي انصبت على رأس المواطن اليمني الذي حاول جاهداً خلال هذه الرحلة مقاومة تحدياتها والتغلب على معوقاتها والاستمرار في عملية التنفس الطبيعي بدون معضلات والوقوف على الأقدام بدون دعائم أو مقويات إلا أن حدة بعض تلك الكوارث وعلى رأسها الكارثة الاقتصادية التي تمر بأسوأ حالات الإنهيار قد جعلته يستسلم ويقف عاجزاً أمامها بدون أدنى مقاومة.
فخلال السنوات الأخيرة بدأ الانهيار الاقتصادي يتجلى بوضوح وبدأت العملة الوطنية تهرول في الهبوط وبدأ الغلاء يهاجم الأسواق ويعرقل حركة الأسر والأفراد ويصيبهم باليأس والإحباط إلى أن وصل بنا الحال إلي هذه المرحلة الكارثية المخيفة التي لا يمكن للمواطن أن يعيش فيها بستر وأمان.
في هذه المرحلة القاتلة التى تعددت فيها السلطات والحكومات وقيادات الفساد والنهب والإجرام والانتماءات اختلفت القيمة النقدية للعملة الوطنية داخل المدينة الواحدة وبين المحافظات وفاقت أجور الحوالات المبالغ المرسلة في الحوالات وارتفعت أسعار الوقود والغاز والمواد الغذائية والعلاجات وأصبح مراتب الموظف المقدر بستين الف ريال يساوي قيمة سلة ونصف من الطماطم ومرتب الموظف القديم المقدر بمائة ألف ريال يساوي قيمة مائه وخمسين قرص من الحبوب البندول الفوار.
فإذا كان مرتب الموظف لا يغطي 5% من الاحتياجات فكيف بمن لا يملك مرتب أن يقتدر على شراء كيس من الدقيق بخمسة وخمسون ألف ريال أو كيس من الرز بسبعين ألف ريال.
اليوم وفي ظل حكم اللصوص وقطاعين الطرق وأصحاب السوابق والعاهات والاجرام والسرق وصل سعر صرف الدولار إلى ألف وسبعمائة ريال ووصل سعر الريال السعودي إلى أربعمائة وخمسة وخمسون ريال وتضاعفت الأسعار وأجور العمل والنقل والمساكن والخدمات الأساسية والكمالية عدة أضعاف ومازلت مستمرة في الزيادة والتضاعف والارتفاع ومع هذا فإننا مازلنا نجد بعض الحزبين الأمراض يدافعون عن الفساد وعن قادة النهب والتجويع والإرهاب ويلتمسون لهم آلاف الأعذار وآلاف المبررات.