إن مقارنة عاجلة للخسائر البشرية والمادية التي سببتها الضربات الجوية التي شنها تحالف دعم الشرعية لا تقل نهائيا عن نتائج الجرائم التي ارتكبتها عصابة الحوثي الإرهابية بحق الأبرياء من المدنيين اليمنيين ، ناهيك عن استهداف طائرات التحالف لقيادات عسكرية وبنى تحتية خدمت بموجبها الحوثيين .
إن الأهداف الحقيقية لهذا التحالف وما يقوم به لا ينسجم إطلاقا مع ما يدعيه من حرب على الحوثي ، فمن يريد محاربة الحوثي يتجه إلى تحرير صنعاء ولا يرتد باتجاه مأرب وعدن وسقطرى والمهرة ، فقد حدثني أحد القادة عن مأساة نهم بما لا يصدقه عقل ، فقد نصب التحالف أربعة مدافع ذاتية الحركة هناك ولم يتركوا أحدا من الضباط اليمنيين عليها ، وقاموا بسحبها قبل سقوط الفرضة بأيام بعد أن منعوا الذخيرة على المقاتلين هناك ، وضرب أي نسق يتحرك باتجاه الحوثيين من قبل الطيران ، قال إن الضربات الخاطئة تصيبنا بدقة ، والضربات الموجهة لا تصيب الحوثيين .
ذكرني هذا الضابط بمحرقة عدن حينما أحرق طيران التحالف أكثر من ٥٠٠ جندي من جنود الشرعية في ظرف ١٥ دقيقة وحولهم إلى جثث متفحمة ، بينما أكثر من ٤٠٠ طلعة في العبدية كما صرح بذلك التحالف لم تستطع أن تفك ثغرة للحصار المفروض عليها ، طيران التحالف يجوب سماء مأرب للإيحاء بأنه مازال في المعركة ، لكنه في حقيقة الأمر يفتح الطريق للحوثي إلى مأرب .
لقد وقعت السعودية في فخ الفساد الداخلي الذي يعتاش على هذه الحرب دون حساب النتائج التي ستنعكس على أمن السعودية وفي الفخ الأمريكي الذي يوهمها بأنه سيقود إلى مصالحة وإلى سلام بين الحوثيين والسعودية ، مما جعل السعودية تستند إلى تمرير الوقت اعتقادا منها أن الأولوية تنصب على تدمير مقومات الدولة اليمنية وجعل الجيش اليمني خارج الحسابات .
من الواضح أن هدف التحالف حماية الحوثي وليس محاربته ، بدليل وقف جميع الجبهات بما في ذلك جبهة الساحل التي أنشأتها وتشرف عليها الإمارات والتعلل بالشرعية التي لا تحضر في أي قرار تقرره دول الرباعية إلا في قرار وقف جبهة الساحل .
لقد أعطى اليمن كل شيء ، وأعطى الدم الذي هو أعز من مساعدات مركز الملك سلمان المنهوبة ، ويتطلع للعالم أن يقف إلى جانبه في هذا الظرف الصعب ، ويسنده ويكون ظهيرا له بعد أن خذله التحالف ، فلن يقف اليمنيون مكتوفي الأيدي ، فبعد تشكيل خلايا الضباط بالأمس تتشكل اليوم جبهة واسعة من المثقفين والمفكرين وشيوخ القبائل والسياسيين لاستعادة القرار الوطني ولن يتركوا اليمن ضحية للإرهاب الإيراني وضحية التخاذل السعودي وسيمدون أيديهم إلى من يمد يده إلى اليمن ويقف مع مصالحها المشروعة .
لن يستسلم اليمنيون للمؤامرة التي تساعد الحوثي على النمو والتمدد بهذه الصورة وفتح الطريق أمامه لاستكمال هذه المؤامرة الكبرى التي تهدف إلى تقسيم اليمن إلى دويلات ممزقة تبقي اليمنيين في حالة حرب دائمة ، فاستمرار الحوثي وعدم القضاء عليه رغم عدد الطلعات الجوية التي يصرح بها التحالف يؤكد عدم الجدية في القضاء عليه .
قال لي أحد الضباط الميدانيين إن تحريك الطيران دون القوات البرية يأتي في سياق تضليل المقاتلين والمجتمع بأن هناك مواجهة حقيقية مع الحوثيين ، لكن الحقيقة هي تسهيل مهمتهم في الاستيلاء على المناطق لإعطاء صورة بقوتهم التي لا تقهر ، وتساءل ، لماذا لا يضرب هذا الطيران خطوط الإمدادات البشري والمالي للحوثيين ، ولماذا لا يوقف تدفق المقاتلين والمجندين في صفوفهم إن كان صادقا ؟
مما سبق ، لا يمكن تصديق أن القيادة السعودية غير مشاركة في هذه الانتكاسات التي سترتد عليها يوما ما ، وأنها تتلقى تقارير محرفة توحي بأن التحالف يحقق تقدما في عملياته العسكرية ، فهذه القيادة لا تحتاج إلى تقارير ، فما يجري على الأرض خير دليل على ما آلت إليه هذه الحرب ، وفي وضع كهذا سيبحث اليمنيون على تحالف آخر جاد في مواجهة الخطر الإيراني الصهيوني ، يحترم مصالح اليمن وسيادتها ويحترم وجود الدولة ومؤسساتها وأولها المؤسسة العسكرية ويحقق تطلعات المجتمع الدولي إلى القضاء على الإرهاب الذي يمثله إرهاب الحوثي .