ثمة صراع دائر اليوم في اليمن وحول اليمن ، يحتم علينا التقييم والتحليل العميق للوضع الداخلي والإقليمي والدولي بالغ التعقيد ، وإدراك أن من يخوض الصراع على الأرض، هو الذي يملك زمام إدارته ويتحكم بدفته .
مع عدم تبلور أفق قريب للحسم ، يمكن استشرافه من مؤشرات ملموسة ، بات مطلوب أكثر من أي وقت مضى تقديم أجوبة واضحة وصريحة ، بشأن التساؤلات حول استمرارية هذا الوضع المترنح بين الحرب وآثارها الاقتصادية ، وانسداد الأفق السياسي ، وانهيار السلم الاجتماعي ، وتردي الوضع الإنساني ، خاصة في ظل الافتقار لفعل سياسي موحد ، منبثق من فعل عسكري ميداني موحد ، يقود نضال اليمنيين نحو استعادة الدولة وإسقاط الإنقلاب عليها.
المشروع الوطني اليمني الجامع المتمثل في استعادة مؤسسات الدولة الناظمة لسلطات الجمهورية اليمنية ، والشروع في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ، أضحى مفرقا بين أطراف عدة ، تنظر له من خلفياتها السياسية المرتبطة بملفات وقضايا سابقة .
ثمة معطيات جلية مفادها أن السلطة الشرعية اليمنية والتحالف العربي ، لا يمكن لهما التحرك خارج المظلة الدولية ، ومن هنا ، فإن اعتراضات وتحفظات المجتمع الدولي على أي تحرك جاد ، يمكن أن يقلب الموازين لصالح المشروع الوطني ذي الهوية اليمنية والانتماء العربي ستؤخذ لدى الشرعية والتحالف العربي بعين الاعتبار ، وهنا أجدني أؤكد أن هناك ثلاثة محددات للمجتمع الدولي ، ذات الصلة بالملف اليمني ، أولاها : رفض أي سلوك سيادي مستقل للشرعية اليمنية ، سواء تلك الموجودة في الداخل ، أو تلك القابعة في خارج اليمن ، ثانيها : علاقة الملف اليمني بالأمن الدولي والحرب على الإرهاب ، ثالثها : موقع اليمن الاستراتيجي .
ينبغي أن ندرك نحن اليمنيين أنا نمر بلحظة تاريخية مفصلية ، وأمام فرصة ثمينة للتخلص من السيادة المزمنة لمنطق المنطقة والطائفة والغلبة والتمييز ، وعلينا أن نعي أن أي توقف أو عودة للوراء ، أو نكوص عن استرداد دولتنا وجمهوريتنا ؛ سيضع اليمن وأجياله القادمة في شروط أسوأ بكثير مما هو قائم الآن ، ما يفرض علينا أن ندفع بمزيد من التلاحم ، ورص الصفوف ، نحو الانتصار لمشروع الدولة اليمنية الاتحادية ، التي لن ترى النور إلا إذا وضعت الحرب أوزارها ، وفق مرجعياتنا الوطنية والقرارات الدولية أبرزها القرار 2216 ، دون أي توظيف لتحقيق مصالح خارجية تتعارض مع مصلحة اليمن .
#عبدالواسع_الفاتكي