منذ فترة ليست بالقصيرة ، يتعايش اليمنيون وجملة من الصعوبات والهموم ، أبرزها تأمين لقمة العيش ، اندلعت منذ سبع سنوات حرب ضروس ، تدور رحاها في كنف صراع إقليمي ودولي ، بالغ التوتر والخطورة ، بناء على حسابات وتضارب أجندة معقدة ، تغذي استمرار الحرب لفترة طويلة ، طالما استمرت الفجوة بين المتحاربين ، وتوسعت بين أطراف الصراع ، ومن يقف وراءها ، بأبعادها الداخلية والإقليمية وبمستوياتها العسكرية والسياسية .
يحتوي اليمن على شروط وعوامل نشوب الحرب والعنف ، في مقدمتها التركيبة القبلية للمجتمع اليمني ، وسهولة امتلاك أدوات الحرب من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بل والثقيلة ، ناهيك عن غياب مؤسسات الدولة عن دورها المنوط بها في حفظ الأمن والسلم المجتمعي ، ومن ثم فأي حديث عن إطالة أمد الحرب ، لايعد إفراطا في التشاؤم أو نسجا من الخيال ، فالمشهد اليمني متخم بالصراعات السياسية والاجتماعية ، زاد من تعقيدها التدخلات الخارجية ، وقابلية واستجابة الأطراف اليمنية لها، وتوظيفها في صراعاتها البينية ، كما أن أي تدخل خارجي من طرف ما ، من شأنه أن يستدعي مثيله من طرف آخر ؛ ما يجعل اليمن ساحة لتصفية حسابات بين أطراف خارجية ، يدفعها صراعها مع الآخر لمراكمة أسباب استمراره وإنتاجه بشكل دوري .
بقاء الحرب لفترة طويلة في بلد يموج بالأسلحة أكثر من ضعف سكانه ، سيحولها لثقافة مقبولة لدى المجتمع اليمني ، وسيمنح أدواتها وقيمها اللاوطنية تجذرا وحاضنة مجتمعية ، وسينتج واقعا ، يتقاطع ويختلف مع الخريطة الطبيعية والسياسية لليمن ؛ مما قد يؤدي لظهور جماعات مسلحة ، من الصعوبة بمكان التعاطي معها بعد انتهاء الحرب، والتي قد لا تعترف ولا تؤمن بقواعد اللعبة السياسية ، ولن تفرط بمكاسبها التي حازتها بقوة السلاح .
تلتقي المصالح والأجندة الدولية والإقليمية ، في عدم انهيار المليشيات الحوثية بهزيمة عسكرية ساحقة ، وهذا تدركه المليشيات الحوثية جيدا ، ويمنحها قدرا من المراوغة ، على أمل إطالة الحرب ؛ لإفراغها من مضمونها السياسي ، وقطع الطريق أمام خصومها من جني أي استحقاقات أو مكاسب ، فالنصر والهزيمة لديها ، لا يتم قياسهما بمقدار الخسائر البشرية أو المادية ، وإنما يقاس بالصمود وعدم الاستسلام ، وكلما استمرت الحرب كلما كان ذلك في صالحها، وهذا يتطابق تمام التطابق مع وجهة نظر الدول الكبرى ، التي تريد الحفاظ على التوازن العسكري بين الأطراف المتحاربة ؛ كي يستمر القتال فترة أطول ؛ بما يسمح ببيع المزيد من الأسلحة للأطراف المتحاربة وداعميها.
تشير الوقائع على الأرض إلى أن اليمن صارت مسرحا لصراع الإرادات الإقليمية والدولية ، التي متى ما وصلت لنقاط اتفاق؛ لتوزيع وتقاسم مصالحها في اليمن ، فمن المرجح أن تضع الحرب أوزاها ، بجرة قلم بقرار إقليمي ودولي ؛ إذ أن الأطراف المتحاربة لم تعد تملك قرارها في الحرب أو السلم، وليس بمقدورها الحيلولة دون مزيد من التدهور والانقسام والعنف والاحتراب ، الذي يقود اليمن ، لما قبل الدولة والوطن والشعب ، آن الأوان لليمنيين أن يكفوا عن تدمير بلدهم ، وأن يصغوا لصوت العقل ، ويتركوا أدوات الحرب ، وبواعث الكراهية والانقسام وراء ظهورهم ، ويعودوا لمرجعياتهم الوطنية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقرارات الدولية ومخرجات الحوار الوطني ، التي توافقوا عليها كخارطة طريق ؛ لإحلال السلام ، وكأساس يبنون عليه مشروعهم الوطني في بناء دولة اتحادية ؛ تحقق لجميع أبناء اليمن بمختلف أطيافهم العدالة والحرية والعيش بكرامة في ظل دولة النظام والقانون