أسئلة تتبادر إلى ذهن الكثيرين وهم يشاهدون ما تبقى من مؤسسات خدمية تتعرض للقصف ، منذ الهجوم الهمجي عام ٢٠١٤ وصنعاء تتعرض للتدمير الممنهج ، فما قصة صنعاء وأين يكمن سر العداء السعودي الإماراتي لصنعاء ولماذا تستهدف صنعاء بالخراب والدمار ، بينما تبقى الجبهات الكفيلة بهزيمة الحوثيين مغلقة ؟
يتوالى طيران السعودية والإمارات بما يحمله من قتل ودمار بدون رحمة ولا هوادة ولا خوف ولا وجل ، واحتقارا لكل المواثيق الدولية والقيم الإنسانية ونقضا للاتفاقات الدولية التي كانت إلى وقت قريب مصدر أمل لحياة أفضل للأجيال القادمة ، لقد اكتشفنا أن تحالف السعودية والإمارات ليس هدفه إسقاط انقلاب الحوثي ، بقدر ما هدفه تدمير العاصمة صنعاء رمز الشرعية والدولة اليمنية .
كانت السعودية تبحث عن أي ذريعة لتدمير اليمن ، فوفرت لها عصابة الحوثي الإرهابية هذه الذريعة بانقلابها وتمردها على ما اتفق عليه اليمنيون ، وللأسف هناك من اليمنيين مازال يعتقد أن السعودية بهذه الطريقة ستحرره من الحوثي وما زالوا يعتقدون أن تلك الحرب غير الشرعية القائمة على تضليل الرأي العام المحلي والدولي والتي أسفر عنها مئات الآلاف من القتلى والدمار ، هي القرار السليم أخلاقيا وسياسيا .
من وجهة نظر نفسية عميقة ، السعودية تعاني من مرض عصبي جمعي يسمى متلازمة الخوف من النظام المتبع في اليمن ، أعني بذلك وجود عقلية تعتقد أنها مهددة من قبل النظام الجمهوري الديمقراطي في اليمن ، وهذا يمنحها الحق في السيطرة على اليمن وعلى قرارها وخلق فوضى مستمرة لإقناع مواطنيها بأن الأنظمة الجمهورية والديمقراطية تخلق الحرب ولا تخلق الاستقرار .
لهذا ، فالاستراتيجية السعودية ومعها الإماراتية تقوم على استنزاف وتدمير اليمن بالإبقاء على إدارة الصراع بأسلوب الحرب الجزئية التي تقوم على فتح جبهة وإغلاق أخرى والإعداد لتقسيم اليمن وتجزئته ، هذه الطريقة في الحرب تستهدف إعادة بناء الذاكرة السياسية للشعب اليمني وإعادة صياغة نسيجه الاجتماعي بما يسمح بتبديد الثوابت الوطنية ، وإطالة الحرب يهدف إلى تمكين الحوثيين من ذلك .
إن الموقف السلبي الذي يقفه التحالف لا يرتبط بالمعركة العسكرية فحسب ، بل يمتد إلى السماح للحوثي بتدمير مؤسسات التربية والتعليم وتجريف الهوية الوطنية وهذا يتناسب مع التوجه السعودي الإماراتي الذي يهدف إلى تمزيق اليمن وتقسيمه ، وهذا ما جعل البلدين تبقيان على الحوثي كل هذه السنين لكي يتمكن من إعادة صياغة النسيج الاجتماعي القائم على التفتيت والتشتيت .
استمرار الحرب السعودية بهذه الطريقة تعبر عن استراتيجية قذرة بدوافعها وأهدافها ، وما استمرار قصف العاصمة صنعاء منذ سبع سنوات دون المساس بقوة الحوثي إلا تأكيدا على ذلك ، فبدلا من المبادرة إلى تعويض اليمن شعبا ودولة عن الأضرار والجرائم والدمار الذي ألحقته باليمن إذا بها تمارس مزيدا من التدمير ودفع الناس للتجنيد مع الحوثيين .
أخلص إلى القول إن استمرار الحرب بهذه الطريقة يخدم المشروع الحوثي ويساعده على استكمال تجريف الهوية الوطنية ، كما هو حاصل في تغيير المناهج وتدمير مؤسسات التربية والتعليم ، وعلى قيادات الشرعية والأحزاب السياسية أن يعيدوا التحالف إلى الأهداف التي رسمها له القرار 2216 , أو يعفونه من ذلك واليمنيون كفيلون باستعادة شرعيتهم ودولتهم ، فهذه بلادكم فلا تتلذذون بتدميرها أو تصمتون عن ذلك .