طوال عقود من الزمن جرب الكثيرون احتواء اليمن ، فلم يستطيعوا .
عملوا على تحقيق ذلك بصورة مباشرة ، أو من خلال نخب سياسية أو عسكرية أو قبلية وأسرية أو مذهبية طائفية ودينية .
لكنهم فشلوا .. ظل اليمن عصياً على الاحتواء.
كل ما في الأمر هو أن هذه المحاولات لم تسفر سوى عن احتواء النخب التي وظفت في هذه العملية التي كانت تتم خارج منطق التاريخ .
الحقيقة هي أن هذه النخب ظلت في علاقتها بمجتمعاتها أشبه بقطع فلين طافية فوق الماء ، لا يمكن لها أن تغوص إلى أعماقه ، ثم يأتي من يحركها محاولاً دفعها إلى أعماق الماء ثم لا تلبث أن تعود إلى وضعها على سطح الماء حينما ترتفع عنها اليد التي تحركها .
هكذا ظلت علاقة هذه النخب بمجتمعاتها في مقاربة بوضع الفلين وعلاقتة بالماء ، طافية فوق سطح المجتمع ، غير قادرة على أن تغوص إلى أعماقه ، وإن تم ذلك أحياناً بفعل اليد الخارجية التي تمنحها بعض القدرة على تكوين جيوب هشة في أعماق المجتمع ، لكنها لا تلبث أن تطفو فوق السطح بمجرد أن تتخلى عنها هذه اليد .
اليوم ، تحاول إيران أن تدفع جماعة الحوثي إلى أعماق المجتمع اليمني بتوظيف امكانيات عسكرية هائلة وخطاب فاسد ،لا يدانيه في الفساد سوى المنهج الفوضوي ومقارباته الأيديولوجية الكهنوتية ، والذي يوظف في هذه العملية التي يراد لها أن تغير مجرى التاريخ في بلد لا تستطيع أي قوة على الأرض أن تنتزعه من تاريخه .