إن تجاهل رئيس مجلس القيادة الرئاسي عن لقاء الرئيس الأمريكي بجدة ليست مسألة عابرة ، فمن الواضح أن غياب الرئيس رشاد العليمي عن هذا اللقاء يعكس تراجع دور ومكانة اليمن بسبب هيمنة السعودية والإمارات على القرار ، لاشك أن الأيام الماضية كانت أشد وطئا على رئيس مجلس القيادة الرئاسي ، الذي كان يحاول الهروب من شبح الرئيس هادي ، لكنه وجد نفسه في ظرف أسوأ من ظرف هادي ، فقد وجد نفسه بين قريب ملك أمره ومنعه من ممارسة صلاحياته كرئيس وبين تحالف يتجهمه ويحرف مساره بأي ثمن .
تغييب اليمن في قمة جدة يؤكد تراجع الاهتمام بالشرعية وعدم الاهتمام السعودي تحديدا ، أما الموقف الأمريكي فقد كان واضحا من تعاطي الرئيس الأمريكي بايدن مع المشكلة وكأنها أزمة بين طرفين متساويين أو كأن ما تفعله عصابة الحوثي الإرهابية هو مشابه لما تقوم به الشرعية ، فموضوع الإرهاب الحوثي مغيب إن لم يكن مدعوما من أمريكا ، لكن المصيبة ليست في الموقف الأمريكي فقط أو في بعض المواقف الدولية الأخرى ، فالوضع الداخلي للمجلس مسؤول أيضا عن تهميش اليمن وعدم احترام قرارها ، فوحدة المجلس هي العنصر الأهم المفقود حاليا .
إن تركيبة المجلس المتناقضة شجع السعودية على مصادرة قرار الشرعية ومنعه من أي نوع من التفاعل السياسي ، فالبعض داخل المجلس يأتمر للإمارات ولا يأتمر لرئيس المجلس وقبل على نفسه أن يكون مجرد لجنة ارتباط أمني لدى الإمارات ، ويمنع أي استقرار أمني وطني ، هذا بالتأكيد شجع السعودية والإمارات على مصادرة القرار السياسي للمجلس ، وقد ظهر ذلك في تجاهل رئيس مجلس القيادة من حضور قمةجدة .
ولست أدري بعد وضوح الدور الأمريكي والسعودي الإماراتي إلى متى سنظل نرهن قرارنا لهم ، فالدور الأمريكي عبر عنه بايدن حينما أخرج عصابة الحوثي الإرهابية من قائمة الإرهاب والسعودية والإمارات عبرت عن ذلك بوضع الوصاية على المجلس وأعاقت وحدته الوطنية ، مما جعله ضعيفا بلا وزن وغائبا عن التطورات الإقليمية ، لا يحسب له الأصدقاء أو الأعداء أي حساب .
أظن أن السعودية والإمارات تمارس العدوان على اليمن مثلما إيران تماما ، مع الفارق أن الإمارات طبعت علاقتها مع إسرائيل ولم تطبع مع اليمن ، والسعودية ناقشت مع بايدن ضم إسرائيل إلى المنطقة في الوقت الذي تستبعد فيه اليمن وما تقوم به السعودية من تهميش لليمن يعد تمهيدا لشطبها من الخريطة الدولية .
ليس أمام المجلس الرئاسي سوى توحيد رؤية وطنية تمكنه من الوقوف في وجه الحصار والتهميش ، للحفاظ على اليمن ، فمن الواضح أن القضية اليمنية تشهد مرحلة جديدة مختلفة عما واجهته على مدى السنوات الماضية ، فهناك مؤشرات تؤكد أنها أمام أكثر اللحظات صعوبة ، فقد تراجعت فيها الخيارات إلى الصفر وما تقوم به السعودية والإمارات من تهميش علني يؤكد أنهما تريدان أخذ القضية اليمنية إلى مادون الصفر واستبعاد اليمن من تمثيل نفسها في هذه القمة يعد غاية في الوقاحة ، ويبقى المجلس الرئاسي أمام خيارين : إما الاستمرار تحت وصاية الكفيل والاستمرار في خدمته على حساب اليمن ، أو الانتقال الفعلي إلى مجلس يمتلك السيادة ويستمد قوته من قوة شعبه ووطنه .