عندما انهار وتفكك الاتحاد السوفيتي في العام 1991م أنهار معه التوازن العالمي وأصبح العالم يخضع لتحكم وسيطرة الغرب بمفرده الذي عمل بكل إمكانياته على زيادة تمزيق وتشتيت وتفقير الدول المستقلة والمتفككة من الاتحاد السوفيتي واستخدامها ومحاولة السيطرة عليها وجرف هويتها وإفساد علاقتها مع بعضها وخاصة مع دولة روسيا التي تعد الأكبر والأقوى فيها.
وعلى رأس هذه الدول التي سعى الغرب إلى استخدامها كدمية له دولة أوكرانيا التي أنجرت بعد الأهوى والاغراءات والمخططات الغربية التي استخدمتها واستخدمت مختلف الأساليب والوسائل المعرقلة لإستعادة القوة والمكانة العظمى للدولة الروسية.
لقد سعى الغرب عن طريق القيادات الأوكرانية الموالية له إلى محاولة إدخال حلف الناتو الى المنطقة ونشر أسلحته وقواته في الحدود الروسية بهدف إضعافها وتقيدها وضمان عدم تمددها واستعادة مجدها من جديد لكن الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتن الذي عرف بإخلاصه لروسيا وبوضع مصلحتها في المقام الأول كان لهم بالمرصاد فمنذ أن تولى قيادة روسيا وهو يرتقى بها الإمام ويصعد بها إلى الأعلى ويعود بها إلى مكانتها وموقعها العالمي المتقدم.
فخلال فترة حكمه استطاع أن يعيد بناء الأسس والقواعد والأهداف لدولته وأن يبني لها قاعدة عملاقة وقوية وصلبة من الحلفاء والمؤيدين والأصدقاء، وأن يعيد تأهيل وتطوير وتصنيع أسلحتها وترسانتها النووية بما يكفل لها الصعود والقوة والسيادة والعودة إلى الواجهة من جديد، وأن يجعل لها دوراً مركزي ونفوذاً عالمي وأن يحافظ على هذا الموقع والمكانة والمستوى والدور والنفوذ.
وهاهو اليوم يسطر معركة السيادة والعزة والكرامة وانهاء الغطرسة والتفرد بالقرار والتحكم بشعوب وثروات ومقدرات دول العالم ، وها هو يعيد رسم خطوط التوازن العالمي الذي يضمن عدم الاستبداد والعربدة والاستغلال والتحكم والسيطرة من قبل طرف واحد لا غير....
إن العملية العسكرية الروسية التي نشاهدها اليوم في أوكرانيا هي حقاً شرعي لروسيا وهي استباق لإفشال وكسر المؤامرة الأمريكية الأوروبية التي تستهدف العمق الاستراتيجي الروسي عن طريق ضم أوكرانيا إلى حلف الناتو ونشر قواته في حدودها فمن حق روسيا أن تتعامل عسكرياً مع كل من يحاول الأضرار بمدارها ومكانتها أو من يساعد الأعداء للوصول إلى أعتاب مدنها.
وما قامت به قيادة أوكرانيا من تحالفات مع أعداء روسيا يعد مؤامرة على روسيا وعلى امنها القومي ويعد خيانة لها ومحاولة لعرقلة مشوار تقدمها وكسر عظمتها ولهذا كانت هدفا لقوات بوتن التي تعمل على تحديد قوتها العسكرية وتأديب قيادتها السياسية.
لقد كان الأجدر بقيادة أوكرانيا أن لا تخرج عن المدار الروسي وان لا تذهب بعيداً إلى أحضان الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وكان عليها أن تعلم أن قوتها من قوة روسيا وان كرامتها وعزتها من كرامة وعزة روسيا وأن أمريكا وحلفائها لا يعتبرونها الا دمية لتنفيذ مشاريعهم ولن يضحوا من أجلها إلا بالضجيج والعويل وأنهم سيتخلون عنها ويتركونها تواجه مصير خيانتها لجيرانها وأشقائها بمفردها وهو ما يحدث اليوم