رأينا كيف تم استخدام المقوم الديني لإثبات خرافة السلالة وكيف تم تشويه تيار القومية اليمنية اقيال من خلال الإدعاء الديني السلالي الفاطمي متصورين ان الخطوات السلالية المتوجهه نحو الغاء الذات اليمنية تمضي في طريق انتازع الروح والعقل اليمني المدرك لوجوده وذاته. اثبتت الأحداث والتجارب السابقة ان جميع حركات الإصلاح الدينية والإجتماعية والسياسية من داخل المنظومة الإمامية والتي كانت تراعي وجودها كنظام قائم لم تؤتي ثمارها من خلال داعوي الاصلاح من داخل المنظومة السياسية الإمامية على الرغم من اهمية الدور الذي لعبه المصلحون اليمنيون.
كما شكلت التراكمات الإجرامية للعنف والتجهيل الإمامي التي قوبلت بمحاولات تصحيحية تتعمد استهداف المرتكزات الفكرية والسياسية والاجتماعية للمنظومة الإمامية ومحاولة اعادة تقويمها وتهذيبها من الخرافة والزيف المرحلة التي تولدت عنها حركة المعارضة اليمنية التي شكل قيامها البداية الفعلية لأرتكاز البنى الاولى لمقومات الوعي الوطني بمفهومه الثوري والتحرري الكامل تحت غايات واهداف وشعارات تحررية تستهدف التحرر من مخلفات الإمامة والإستعمار.
كان الوعي الثوري للنخب الثقافية والفكرية والعسكرية في فترة الاربعينيات والخمسينيات من القرن المنصرم، قد اكمل استعاداته نحو تبني مشروع الثورة و الجمهورية العادلة، واعتبر ذلك التوجه تحولا غير مسبوق في حركة المعارضة اليمنية التاريخية المقاومة للوجود الإمامي. وضع الأئمة انفسهم على التضاد من موقف الشعب وخياراته التحرريه، التي كانت تستهدف قمع كل حركات الإصلاح الداخلي وكسر اي يد تمتد لهم بالثورة والنقد ولعل الفارق الأهم في المواجهة الجمهورية والملكية الإمامية بعد الإعلان عن إسقاط الحكم الإمامي وقيام النظام الجمهوري ان الشعب قد خرج من طوق وحصار العزلة الداخلية التي فرضها عليه الائمة السابقون الى رحاب الحرية.
فهلل الشعب ومضى في طريق الثورة التي انتشر خبرقيامها لكل قرى واحياء ومدن اليمن مما افقد السلطات الإمامية قدرتها على القمع والسيطرة على الحدث الذي خرج عن طوق سيطرتها لتجد نفسها تحارب شعب مسلح بمنظومة قيم واخلاقيات وطنية ودينية وخيارات فدائية تشكلت من خلالها وجه اليمن الجمهوري الحديث.
ادركت قوى الشر الإمامية انها عقب إنطلاقة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر أمام مواجهه وجودية وتاريخية تتحكم في مجرى حركة التاريخ والمستقبل اليمني رغم ان الثورة بقيمها ونظمها الديمقراطية ونهجها لم تواجه العداوة للهاشمية السلالية ككل ولم تطبق مبدأ الاستهداف الجماعي للهواشم ككيان سلالي لا يجد نفسه الا من خلال الانتماء للسلالة.
فلم يشجع قادة الثورة على استهدافهم ولم تثار غبار الأحقاد التاريخية بين اليمنيين والإماميين، بل فتحت الباب امام العناصر الهاشمية التي انضمت للثورة لتمارس حقوقها الوطنية ومشاركتها حالة الكفاح الشعبي ضد نهج الإمامة السلالي وفق عدالة الثورة واهدافها الجمهورية ونظمها الدستورية، وهذا يحسب للثورة ورجالها الذين تعاملوا بمسؤلية تجاه مسألة الانتماء لمنتسبي البيت العلوي والهاشمي للثورة وهو ما قابلناه اليوم بالتفهم والتقدير والشكر لهذه القيادة على موقفها من تلك العناصر الهاشمية التي ساندت الثورة ولم تتلطخ اياديها بدماء اليمنين الاحرار.
هذا على خلاف موقفنا من حركة المصالحة الجمهورية الإمامية سنة 1970م وما نتج عنها من اختراق إمامي عبر مشاركة القيادات الإمامية والشخصيات العدائية والسلالية التي تلطخت اياديها بدماء اليمنيين الحكم في الدولة ومنحها الحق في اعادة التموضع في الجسد الجمهوري الذي شغل حيزا كبيرا عبر سنوات طويلة.
اخذ هواشم الامامة لانفسهم حظوظ من الجمهورية ومكاسب تفوق ما منحه لهم البيت الامامي القاسمي السلالي قبل الثورة، ومع ذلك ظلت القوى الامامية داخل النسيج الجمهوري القاتل الصامت للجمهورية.
تحركت الجهود الامامية مستفيدة من البنية التركيبية للمجتمع اليمني دينيا او ثقافيا او ايديولوجيا فقد تمكنت من النفاذ والتسلل الى قلب المكونات الاجتماعية والحزبية والسياسيةاليمنية تمارس دور تفكيك وتفخيخ المستقبل السياسي لليمن واليمنيين وتوظيفه لصالح المشروع الامامي الباطني الذي يحفر اصحاب الكهوف السياسيةالهاشمية له قواعد حكم تؤسس لمرحلة العودة السلاليى الحاكمة كما هو حاصلا اليوم.
نظرنا كيف قاومت الإمامة الهاشمية الثورة وكيف جعلوا اليمن كله منطلقا لعداوتهم وارض حرب شاملة لمشروعهم لأن الشعب قرر ان يحكم نفسه بنفسه.
كما نظرنا خطوات التسلل الإمامية نحو إستعادة تموضعها في الدولة عبر النظام الجمهوري نفسه وكيف استثمرت في حركة الإنقلابات والمؤامرات التي تعرض لها النظام الجمهوري وكيف كانوا طرفا فيها .
حتى فترة الإنفتاح الديمقراطي التي شهدتها البلد عقب الوحدة عام 90 م، شكلت بوابة امامية للتمثيل الهاشمي السلالي في الدولة وممارسة نشاطهم بدعم التشريعات الدستورية ذاتها.
ورئينا اقليميا ودوليا كيف استثمر هؤلاء في القضايا الإقليمية والدولية واقحام اليمن في بؤرة الصراع والتنافس الدولي وجعلها أداة بل وذراعا لضرب دول الإقليم برعاية ودعم ايراني منتظم تمكن من تجريد اليمن من طوقها العربي لصالح المجال الحيوي الخارجي لنظام الملالي في طهران وقم والنجف وبيروت .
رغم ذلك لم يفقد اليمنيون ايمانهم بالجمهورية ولا بالنظام الجمهوري والقيم التحرريه لدولة الثورة و جمهورية السلال ورعيل الثورة الاول واقول هنا جمهورية السلال لان المشروع الجمهوري بمفهومه الثوري وعقيدته الجمهورية قد توقف عند هذه المرحلة التي عبرت عن نفسها كمنظومة فكرية وحقوقية دستورية وفكرية واجتماعية وسياسية وطنية شاملة وجهت مشروع الامامة بشعار الجمهورية او الموت وهو نفس الشعار والاهداف والغايات التي نواجهها اليوم مع مخلفات الإمامة.
لذا علينا ان نجعل من فكرنا وسلوكنا وفقه عقيدتنا وحوارنا واهدافنا وقيمنا جمهورية خالصة وان نؤمن انه لا يمكن ان تجتمع الجمهورية ولا يمكن ان تحكم وعلى كرسيها قاوق وعمامه وخطيب ومرشد هاشمي سلالي يعمل في الظل مهما كانت ادعائتها فحربنا هي حرب جمهورية وامامية حرب وطن ووجود وهوية. فحربنا وصراعنا مع الإمامة هي حرب تاريخ هوية ووجود واذا لم ندرك مخاطرها فلا نستحق هذه الأرض.
تحياتي