من الطبيعي أن نشاهد إرتفاع نسبة نمو الفساد وتضاعف عدد الفاسدين خلال مرحلة الحرب والصراع التي يمر بها الوطن كنتيجة طبيعية لتشظي البلاد وضعف القيادات السياسية وانشغالها بالتسابق على مقدرات الدولة وعائداتها العامة وعدم قدرتها على السيطرة على الدولة ومؤسساتها المختلفة.
ومن الطبيعي أن نشاهد بعض المسئولين في المكاتب الحكومية ممن لا تتوفر فيهم كامل شروط تولي المناصب القيادية.
ولكن الشيء المؤسف والغير طبيعي أن تشاهد البعض من هؤلاء المسؤولين ممن لا تتوفر فيهم أدنى شروط القيادة والإدارة أو ممن تنعدم فيهم شروط تولى المسئولية.
وعند التركيز على أصحاب تلك المناصب والقيادات الإدارية وخاصة اولئك الذين يغتصبون مناصب مدراء الإدارات ومدراء العموم سنجد أنهم من المتسلقين الى هذه المناصب عبر طرق الوساطة والحزبية والمحسوبية ومن الفاشلين وأصحاب السوابق المخلة بالعمل والوظيفية ومن أفسد الموظفين الذين يقتاتون ويترزقون من عائدات الرشاوي والقضايا المخالفة للنظام والقانون واللوائح الإدارية.
هذا الكارثية الوظيفية لم تتوقف عند هذا المستوى فحسب وإنما تعدت إلى ما هو أبعد وأخطر من ذلك فاليوم نشاهد العديد من اللصوص والمنحرفين والمشبوهين وقطاع الطرق وأصحاب السوابق المخلة بالوظيفة العامة يعتلون المناصب ويقودون الإدارات والمكاتب العمومية ويتحكمون بمصالح وشؤون العامة وبأصحاب المؤهلات والكفاءة والخبرة والنزاهة والتخصص والأقدمية.
والمشكلة أن هذه الظاهرة التخريبية التي لا تقل تأثيراً وخطراً عن كارثة الحرب التدميرية أصبحت شائعة في عدداً من محافظات الجمهورية ومدعومة من قبل الأحزاب والجماعات والتي تشكل مع تلك القيادات المنحرفة شبكات مافيا تستثمر الحرب وتتربح من الفساد والمخالفات والأنشطة الغير مشروعة.
والحقيقة التي يجب أن يفهمها الجميع أن هذه القيادات الفاسدة التي تتحكم اليوم بأمور المواطنين هم كوادر أحزابهم وجماعاتهم التخريبية التي ينتسبون إليها وأن الأسلوب والطريقة القذرة التي يمارسونها في إدارة المكاتب والإدارات وفي التعامل مع الناس هي نموذج لطرق وأساليب أحزابهم في السلطة والحكم