عندما بدأت الخلافات العربية تتلاشى والتقارب العربي يزداد والتكتلات والدعوات الوحدوية تتوسع شعرت الولايات المتحدة الأمريكية والغرب بالخوف والخطر من توحد البيت العربي الكبير الذي يمتلك كل مقومات القوة وخاصة الاقتصادية والدينية والبشرية فما كان من أعداء الأمة إلا إعادة الحسابات والتخطيط لتدمير الدول العربية وشعوبها وكانت البداية في الغزو الأمريكي للعراق إلا أن التكلفة والخسائر البشرية والمادية الأمريكية كانت كبيرة وكبيرة جداً فبحثوا عن بديل آخر للقوة والغزو واستقروا على إشعال فتن بين الشعوب وحكامهم وظلوا يخططون ويبحثون عن مبرر لتنفيذ هذا المخطط الخبيث .
وفي ذلك الوقت كانت جماعة الإخوان المسلمين في العديد من الدول العربية تمر في اقوى مراحلها وتتوسع وتنتشر وتتمدد الي ابعد ما هو مرسوماً ومخطط لها والأمر الذي ساعدها على التمدد والانتشار بذلك الشكل والحجم الكبير هو الصبغة الدينية التي تتحدث وتتحرك باسمها وهو ما جعلها أكثر قابلية عند المواطن العادي.
في ذلك الوقت كانت جماعة الإخوان تقترب من عروش السلطة في بعض الدول العربية بطرق الديمقراطية والشورية التي أمر بها ديننا الإسلامي الحنيف لكن أمريكا والغرب كانوا قد وجدوا السبب والمبرر الذي سينفذ مؤامرتهم والذي تم اختلاقه من معاناة بائع الخضار البوعزيزي الذي أحرق نفسه في تونس وتم على إثر مشكلته الفردية إشعال ما يسمى بالربيع العربي الذي بدأ في تونس وانطلق منها الي مصر وسوريا واليمن.
وعند إشعال هذا الربيع كان الغرب قد أعد وخطط لإسناد مهام قيادة الربيع العربي لجماعة الإخوان المسلمين التي تولت قيادة الاحتجاجات في كل دول الربيع في مدنها وشوارعها ومخيماتها وساحاتها.
واستطاع أعداء الأمة من خلال هذا الربيع العبثي أن ينجحوا في تنفيذ مشروعها التخريبي وإسقاط الأنظمة العربية وخاصة الممانعة للكيان الصهيوني وتدمير جيوشها ونشر الفوضى والاحتراب الاهلي والفتنة الطائفية فيها.
وبهذا الربيع تكون امريكا وحلفائها قد نجحوا من تدمير الدول العربية وشعوبها من الداخل معتمدين على تلك الشعارات البراقة المزيفة وكذب وزيف وسائل الاعلام وعلى تجنيد الكثير من الشباب المغرر بهم والناشطين العاملين معهم بالإضافة إلى مكون الاخوان الذي يعد صاحب القاعدة الأكبر في الربيع العربي والقادر على تحريك الشارع.
وبمجرد إسقاط تلك الأنظمة القومية تم إيصال جماعة الإخوان المسلمين الي السلطة لتدخل الجماعة بذلك مرحلة التنفيذ العملي لمنهجها النظري الذي ظلت تنادي به منذ بداية تكوينها وتأسيسها وهو ما يعد اختباراً حقيقي لها.
ولكن وللأسف الشديد لم تستطع جماعة الإخوان من موقع السلطة أن تحقق شيء مما كانت تنادي به في السابق لتعيش مرحلة الفشل العملي في مختلف الأقطار التي حكمتها أو شاركت في حكمها.
ومن هناك بدأ الداعم في تنفيذ المرحلة الثانية من مشروعة في إسقاط الجماعة واحراقها أمام الشعوب وهو ما حدث وما زال يحدث لتكتشف الجماعة بان الربيع العربي لم يكن سوى فخ وقعت فيه وبأنها لم تكن سوى مجرد أداة استخدمها صناع الربيع لتنفيذ مرحلة محددة وبعدها يتم الاستغناء عنها واحراقها أمام نفسها وأمام الشعوب التي اكتشفت أن الجماعة هي الأداة التي تم استخدامه لهلاكها وتدمير أوطانها.
والخلاصة أن جماعة الإخوان المسلمين كانت قبل الربيع على مقربة ذراع من السلطة والبلدان العربية آمنة ومستقرة ومزدهرة وفي أحسن حالاً لها وأصبحت اليوم على بعد ميلاً من السلطة والبلدان العربية مخربة ومدمرة وفي أسوأ حالاً لها.