أروع ما في مسلسل " العالية " هو الإضاءة والملابس والديكور والإخراج والتمثيل والنص. ومن ناحية المبدأ ، أنا مع فكرة وهدف المسلسل في محاكمته للإمامة!
أمّا الأقل روعة ولن أقول الأسوأ في هذا المسلسل فهي الموسيقى التصويرية الدرامية الثقيلة المصاحبة للحوارات وللشخصيات ، وكأن ذلك صورة مكررة ومملّة للموسيقى الدرامية العربية في ثمانينيات القرن الماضي!
عالَمُنا اليوم مختلف عن ثمانينيات القرن الماضي!
مُشاهد اليوم أصبح يرى العالم كله بين أصابعه ويتابع أحدث مسلسلات العالم في هاتفه!
في حلقة البارحة مثلاً ثمة ملاحظات فنية صغيرة لكنها بالغة الأهمية.
مثلاً .. ردّة فعل الحاكم المُبالغ فيها جداً حين بلغه موت سجينته ظبية! زيادة عن اللزوم! ظبية ماتت في السجن والرجل يتكلم بغضب وحزن يقتربان من البكاء لمجرد أنه كان يريد تعذيبها وقتلها!
قبلها كان أبو ظبية يبكي بحرقة درامية ممتازة وتُحسب للممثل .. ولكن الكاميرا اقتربت بطريقة مقززة من رغوة فمه الخفيفة أثناء بكائه حتى أفسدت تأثير المشهد!
بقي أخيراً في نهاية هذه العجالة أن أعترف بأن الإخراج وأداء الممثلين جيدان بشكلٍ عام في هذا المسلسل .. ولكن عندي تساؤل لابُدّ أن أختم به:
إلى متى يظل الممثل اليمني يكلّمُ نفسه وكأنه يهذي مع الجن في معظم حوارات المسلسلات؟.. هل مسؤولية النص أم المخرج أم كلاهما؟ واقعياً لا علاقة لحياتنا بهذا النمط من الحوار الذاتي العلني الداخلي في نفس الوقت! ..ظاهرة تحدث زيادة عن اللزوم في مسلسلاتنا وكأننا في مصحة نفسية .. الجميع يحدث نفسه! والجميع يهذي مبحلقاً بعينيه سارحاً شارداً.
الأرجح أن سبب الظاهرة كسل درامي!
حتى وإن كانت البلادُ اليوم برمّتها وبسبب معاناتها قد أصبحت تكلّمُ نفسها في واقعنا المميت فإن ذلك لايبرر هذه الظاهرة الكثيفة الغريبة في مسلسلاتنا!
في النهاية فإن التحية واجبةٌ للمخرج البديع الشاب وليد العلفي ولطاقم الممثلين المجتهدين في هذا المسلسل العميق فكرةً ولوناً وإضاءةً وتمثيلاً وإخراجاً .. وهدفاً.