الكتابة عن الوضع الراهن باتت مملة لدى الكاتب والقارئ معا، وكم مرات يلسعني الإحباط، حينما أجد أن الأفكار والرؤى والخطط والبرامج، لا أيقظت شعبا ولا غيرت واقعا، ولا أنصت لها المعنيون، ويبلغ الإحباط ذروته حينما أشاهد استسلام الشعب لواقعه، وتسليم رقبته لنخب خذلته ألف مرة، ولا يزال معلقا بها، مع أنه صاحب الإرادة والقوة والقدرة على قلب الطاولة على الجميع.
وأحيانا قد يكون العزوف عن قراءة ما نكتب من القراء الإيجابيين، وهذا أمر متوقع، وطبيعي أن يمل القراء من أحاديث الفشل وأخبار الحرب وإخفاقات النخب، وضياع الفرص، وتقويم الأداء وتقييمه..عناوين لثمان سنوات باتت مكررة بتكرر الأحوال والممارسات والسلوك.
ومع ذلك نحن نكتب، وسنظل نكتب حتى آخر نفس؛ لأن التوعية والتنوير مهمة لا تسقط أبدا بعزوف القراء أو انسداد الأفق أو موت الحماس في الشعوب والجماهير لفترة من الزمن، لكن نصوص الوعي والتوعية عابرة للأجيال، تبقى متوهجة، ومعينا لا ينضب يرتوي منه الأحرار
أحيانا أبحث عن مبرر للكتابة حينما أخاطب جيلا آخر، أتخيل جيلا نقيا حرا عزيزا كريما فأخاطبه وأحدثه عن سر نكبتنا وأحذره من تكرار تحاربنا الفاشلة، أكتب لما بعد هذا الجيل، وإلى جيل ما بعد 100عام..
نعم، نكتب للأجيال، نكتب للتاريخ حتى لا يأتي من يزور الحقائق، أو يعلي من شأن الفاشلين والمنتفعين على حساب المخلصين والأبطال، فتتكرر المأساة ويتكرر البؤس..